كتب عمر البدران في “اللواء”:
طالما أن الهوة لا تزال عميقة بين المكونات السياسية والنيابية بشأن الاستحقاق الرئاسي، مع دخل الشغور أسبوعه الثاني، فإن مصير جلسة الانتخاب الرئاسية الخامسة، اليوم، سيكون كمصير سابقاتها، على وقع تسارع الدعوات العربية والأوروبية لضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للبنان، سيما وأن هناك مخاطر جسيمة تتهدد البلد، إذا بقي الشغور في موقع الرئاسة الأولى، وفي ظل تحذيرات من إمكانية خروج الأمور عن السيطرة، إذا لم يسارع المسؤولون اللبنانيون إلى تدارك الوضع، وإيجاد أرضية للتوافق على رئيس جديد للجمهورية، بعد الكلام الأميركي البالغ الخطورة الذي عبرت عنه مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، من أن لبنان مفتوح أمام كل السيناريوهات، بما فيها «تفكك كامل للدولة».
وفي حين تحول الخلافات الداخلية دون التوصل إلى مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية، فإن الخارج وكما عبر عدد من السفراء لمسؤولين لبنانيين، لا يرى أي إمكانية لتعافي لبنان، إلا من خلال انتخاب رئيس يعيد توحيد المؤسسات، ويفتح أبواب الثقة العربية والدولية، بعدما وصلت الأمور إلى درجة خطيرة، في موازاة الانهيار الذي ضرب كل هذه المؤسسات، بحيث لم يعد هذا الخارج يثق بالمؤسسات الدستورية اللبنانية، ما عدا المؤسسة العسكرية التي لا تزال تحظى بثقة عربية ودولية، ما يجعل قائدها العماد جوزف عون في طليعة الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية، بعد فشل الطبقة السياسية في انتخاب رئيس مدني.
وأمام هذا الواقع، وإذا ما تفاقمت الأوضاع الداخلية، مع تزايد التحذيرات من الآتي الأعظم، ومتى وصل الجميع إلى الحائط المسدود، فإنه لن يعود أمام القوى السياسية إلا خيار واحد، وفق ما تقوله أوساط سياسية متابعة، ألا وهو انتخاب العماد جوزف عون للرئاسة، كمخرج من المأزق، وتخفيفاً للأضرار وحفاظاً على ما تبقَّى، باعتبار أن هناك تأييداً داخلياً لوصول الرجل إلى قصر بعبدا، طالما أن الطبقة السياسية تبدو عاجزة عن الاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية. والأهم من كل ذلك أن العماد عون برهن في قيادة الجيش عن أنه على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين. ورغم الانتقادات التي طالته من جانب رئيس «التيار الوطني الحر»، إلا أن «حزب الله» لا يقف موقفاً معارضاً لانتخابه، كما نُقل عن مقربين منه.
وترى مصادر نيابية معارضة، أن جلسات الانتخاب الرئاسية، قد تكون أكثر جدية في المرحلة المقبلة، إذا سمى حزب الله مرشحه، في مواجهة مرشح المعارضة النائب ميشال معوض، وهذا ما سيساعد على فرز مواقف الرماديين وأصحاب الأوراق البيضاء»، مشددة، على أن «الأصوات النيابية الداعمة لمعوض، ستزداد في الجلسات المقبلة»، لكنها اعتبرت أن «لبنان ما عاد بإمكانه تحمل رئيس من قوى الثامن من آذار. وأكبر دليل إنهيار الدولة ومؤسساتها في عهد ميشال عون. وذهبت أبعد من ذلك، في التأكيد على أنه، «لا باسيل ولا فرنجية لهما حظوظ بالفوز في انتخابات الرئاسة، ولا أي مرشح من الفريق الآخر».
ولا تُخفي، أن «كل فريق يملك قوة التعطيل، كاشفة أن «الفريق الآخر يعاني إرباكاً داخلياً، بدليل أن حزب الله لم يستطع التوفيق بين حلفائه، وعدم تبني أي مرشح لرئاسة الجمهورية حتى الآن». لكنها في المقابل، أكدت أن «هناك دعماً عربياً ودولياً لاتفاق الطائف. وهذا ما ظهر من خلال منتدى الطائف الذي بعث برسالة واضحة إلى الداخل والخارج، بأنه لا يمكن المس بهذا الاتفاق، وأنه من غير المقبول تعديله أو تغييره. وكما أن اللبنانيين يرفضون رئيساً من الثامن من آذار، فإنهم يرفضون أي فكرة باتجاه تعديل الدستور».
وبعد التحفظات التي ظهرت من جانب أطراف مسيحية، الأمر الذي دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى صرف النظر عن الحوار بشأن الاستحقاق الرئاسي الذي كان ينوي الدعوة إليه، فإن رئيس المجلس، سيستعيض عن هذا الحوار، وفقاً لمصادر سياسية، بمشاورات سياسية مع الفرقاء الداخليين، من أجل تقريب المسافات بينهم، في ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي، لأن لدى الرئيس بري مخاوف من المستقبل، إذا لم يُنتخب رئيس في وقت قريب. وهذه مسؤولية الأطراف التي يبدو أنها أخذت قراراها بالتصعيد، دون الأخذ بعين الاعتبار أن مصلحة البلد تتقدم على أي اعتبار. وبالتالي لا بد من مد الجسور، من أجل التوافق على الرئيس العتيد، لإخراج البلد من المأزق الذي يتهدده بعواقب وخيمة.