لا ينحصر الحديث عن المخاوف مما هو آتٍ، في الأوساط الداخلية السياسية وغير السياسية، بل توازيها مخاوف جدّية، يعبّر عنها الدبلوماسيون الأجانب، وآخرها ما نُقل في الساعات الأخيرة عن سفير دولة أوروبية معنية بالشأن اللبناني، حيث تؤكّد معلومات موثوقة لـ»الجمهورية»، بأنّ السفير المذكور خلع قفازاته الدبلوماسية امام مجموعة من كبار الاقتصاديين، وجاء بكلام انطوى على «توبيخ» للطبقة السياسية، لتعمّدها، على حدّ تعبيره، تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تتولّى مهمة الإنقاذ والإصلاحات الشاملة.
وقدّم السفير المذكور مقاربة سوداوية للواقع اللبناني، وقال ما حرفيته: «وضع لبنان مؤسف جدًا، وأنا والكثير من زملائي في بلدكم، حزينون على الشعب اللبناني، ونلمس الكآبة التي اصابته، وما نراه من «لا مسؤولية» يجعلنا نجزم بأنّ لا حلّ في المدى المنظور للأزمة في لبنان، بل نراه مدفوعًا الى واقع مظلم. وآسف ان أقول لكم انّ عوامل الاطمئنان تتراجع في بلدكم».
وأخطر ما قاله السفير المذكور: «انّ المجتمع الدولي وجّه، ولا يزال، دعوات متتالية إلى ان ينظم اللبنانيون واقعهم الداخلي، عبر المسارعة وبلا إبطاء الى اختيار رئيسهم وتشكيل حكومة. وكما نشاهد وتشاهدون جلسات البرلمان اللبناني لم نرَ فيها جدّية في انتخاب رئيس للجمهورية. بصراحة اقول لكم إنكم في وضع شاذ ومشوّه، فلا يمكن ان تنتظم الدورة الدموية في جسم بلا رأس. وبالتالي عبثًا القول انّ قيامة للبنان ممكنة مع تغليب الحسابات والمصالح، وعدم الاكتراث لمصلحة لبنان وللأزمة الصعبة ومعاناة الشعب اللبناني».
ولفت السفير الانتباه إلى «اننا مثلكم نسمع أحاديث عن سيناريوهات واحتمالات ومخاطر يمكن ان تواجه لبنان في ظلّ التعطيل الحاصل لانتخاب رئيس للجمهورية، ليس على استقراره فحسب، بل على مصيره. نحن لا نتبنّاها، لكننا لا نستبعدها طالما بقي هذا التعطيل قائمًا».
وخلص إلى القول: «كما قلت، لا نتبنّى أيًا من تلك الاحتمالات والسيناريوهات، ولكن في مقابل ذلك، علينا ان نؤكّد على ما سبق ان حذّرنا منه القادة في لبنان، وننبهكم الى أنّ اقتصادكم اصبح في خطر شديد جدًا، بل ويثير الذعر. في وقت سابق أدرج البنك الدولي بلدكم بين ثلاث أسوأ أزمات في العالم. وأخشى أن اصارحكم بأنّ أزمتكم ربما أصبحت الأسوأ، نريد ان نراكم تراعون مصلحة بلدكم وشعبكم، والمجتمع الدولي ما زال على استعداد لأن يساعدكم، ولكن إن بقيتم، كما نراكم، ماضين في مسار السقوط، فأقول لكم آسفًا، إنّكم ستتدحرجون إلى وضع قد لا تجدون فيه من يمد اليكم يد المساعدة».