كتب علي حشيشو في “الأخبار”:
يؤكد الطبيب الشرعي عفيف خفاجة أن وفاة الطفلتين ريان ورزان صالح بشكل سريع، ووضع والدتهما على جهاز التنفس في غرفة العناية الفائقة بسبب تسمّم حادّ «هو حالة نادرة كونها أصابت جميع أفراد العائلة».
وكانت الطفلتان ووالدتهما قد نقلن الخميس الفائت على عجل إلى مستشفى صيدا الحكومي بعد تعرّضهنّ لحادث تسمّم. الصغيرة ريان (3 سنوات) وصلت إلى المستشفى وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولم تنفع كلّ محاولات إسعافها من قبل ممرّضي قسم الطوارئ، فيما أُدخلت الوالدة غرفة العناية الفائقة، ونُقلت الشقيقة الكبرى رزان إلى مستشفى حمود لحراجة حالتها هي الأخرى. صمدت رزان بضع ساعات على جهاز التنفس بعد حقنها بالمصل، لكن قلبها توقف ليل الخميس وفارقت الحياة، بينما تصارع الوالدة للبقاء وهي تخضع للعلاج المركّز. وذكرت مصادر قريبة من العائلة أن المصابات الثلاث كنّ قد تناولن طبخة «عجّة البيض»، متخوّفة من احتمال احتواء الخُضر المستعملة على مادة سامة أو استخدام أحد أنواع الفطر السام.
الدكتور عفيف خفاجة الذي عاين الجثتين، قال في اتصال مع «الأخبار» إنّ «سبب التسمّم لا يزال مجهول المصدر حتى الآن، والفحص الحسّي لم يُظهر أي آثار خارجية على الجثتين»، موضحاً أن «سبب الوفاة السريعة للطفلتين هو دخول البكتيريا، ووصولها إلى الدم والرئتين بحيث لم تنفع كلّ الإجراءات الطبية التقليدية كجهاز التنفس والأمصال والحقن لمعالجتها».
وتحدث عن أسباب عدة للتسمّم، «منها غذائي ناجم عن تعفن أو فساد مكوّنات الطعام كالخبز، أو الخضر، أو البيض، وعدم مطابقتها لشروط سلامة الغذاء، ومنها ما هو خارجي كسُمّ الجرذان المنتقل بواسطة الجرذ إلى الطعام البشري عبر القرض منه، ومن ثم يأتي الإنسان لتناول الطعام المسموم».
وكان الطبيب الشرعي قد أشار إلى المستشفى الحكومي في صيدا بالتوسّع في فحص العيّنات من الطفلة ريان، لكن «الأخبار» علمت أنّ أوضاع المستشفى المالية والإدارية حالت دون ذلك، كما أنّ المختبر المتعاقد مع المستشفى لا تتوفر فيه تلك الفحوصات. وعلمت «الأخبار» أن العيّنات أُرسلت إلى مختبرات العاصمة بيروت وسيستغرق صدور نتائجها نحو خمسة أيام. في هذا الوقت، أرسل الطبيب الشرعي عيّنات من دم الطفلتين إلى المختبر المركزي في وزارة الصحة لتبيان سبب التسمم ونوعه.
من جهتها، باشرت القوى الأمنية تحقيقاتها في حادثة التسمّم لتحديد ما إذا كانت حدثاً عرضياً أو فعلاً جنائياً، وقد عاينت دورية منزل الضحيتين الكائن قرب حسبة الخُضَر في صيدا، وخابرت المدعي العام بالنتيجة وطلبت توجيهاته، كما سحبت من الوالد عينات دم لإخضاعها للفحص المخبري.
وقد أجّلت عائلة صالح دفن الطفلتين إلى حين صدور نتائج الفحوصات المخبرية، لكنها استبعدت اللجوء الى أيّ عملية تشريح للجثتين.