كتب فؤاد بزي في “الأخبار”:
يدخل العام الدراسي مرحلة الخطر مع أول تحرّك هذا العام، مع إعلان روابط التعليم في المدارس الرّسمية الإقفال اليوم وغداً، والتهديد بـ»تقليص الدوام ليومين أسبوعياً، على قدر الراتب». إلا أنّ هذا التحرّك يأتي «على استحياء»، وببيانات ضبابية لا تؤمن الغطاء النقابي للأساتذة، بل تطلب منهم «الذهاب إلى مركز العمل، والتوقف عن التعليم هناك»، على الرغم من أنّ جزءاً لا يستهان به من المشكلة يكمن في عدم قدرة الأساتذة على الوصول إلى المدارس بعدما أصبح الراتب يساوي ثمن 3 صفائح بنزين. لذا، لم يبدُ التحرّك مقنعاً لكثيرين قرروا عدم الالتزام، وبالتالي لن يعمّ الإقفال كلّ المناطق اللبنانية. سيكون التعليم عادياً في أكثر من منطقة، أو بمن حضر من الأساتذة في الملاك والمتعاقدين، أو لصفوف الشهادات فقط، كبعض مدارس الجنوب وجبل لبنان والمتن.
«تعا ولا تجي»
ما يجري في المدارس الرّسمية ليس إضراباً، ولا تعطيلاً، ولا انقطاعاً عن العمل. حارت رابطة الثانوي ودارت لتخرج باسمٍ جديدٍ في بيانٍ صدر يوم الجمعة الماضي، وبعد اجتماعات أُجريت عن بعد لعدم القدرة على «قطع مسافات طويلة». فالرسالة التي أوصلتها الروابط إلى المدارس مفادها «لا إضراب»، ولكن «سنبرّر عدم حضوركم… مع خشية أن يؤثر ذلك على احتساب أيام الحضور»، وما يستتبع ذلك من عدم احتساب للحوافز في حال إقرارها للدفع، بمعنى آخر «تعا ولا تجي».
ويأتي التحرّك اليوم على قاعدة «أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً»، فبعد نفاد صبر الأساتذة وأموالهم، واضطرارهم إلى المفاضلة بين الذهاب إلى العمل أو إطعام أولادهم، وتراجع وزير التربية عن وعوده بدفع الحوافز الاجتماعية (130$ شهرياً) مع انطلاقة العام الدراسي، وتأخر صرف الرواتب على أساس موازنة العام 2022 (راتبين إضافيين إلى الراتب الأساسي)، تقفل المدارس ليومين آخر الشهر بانتظار قبض رواتب شهر كانون الأول، من دون خطة تصعيد واضحة.
الانفصال عن الهيئة الإدارية
إلى ذلك، تبدأ فروع رابطة الثانوي بـ«الخروج من تحت العباءة»، والتلويح بوجه كلّ من يعنيه الأمر أنّها «لن تنتظر إجماع الهيئة الإدارية لأن الأحزاب لم تستطع الإمساك بأعضائها». وبالفعل، قرّر عدد منها الدعوة إلى اجتماعات عامة للأساتذة على مستوى المنطقة للتباحث في «سبل أخذ القرار المستقلّ». وفي فرع بعلبك – الهرمل يذهب الأساتذة أبعد من ذلك، فيؤكّد علي خليل الطفيلي، رئيس الفرع، «الانفصال التام عن الهيئة الإدارية بعد رفض إعادة فرز أصوات الأساتذة في الجمعيات العمومية» التي ترتّب على نتيجتها انطلاقة العام الدراسي الحالي.
وزير الوعود
أما وزير التربية، فخرج أول من أمس ليضع المشكلة في ملعب الأساتذة، ويؤلّب المتعاقد على الملاك محمّلاً الأخير مسؤولية لقمة عيش الأول في حال التوجه نحو الإضراب، ويبرّئ وزارته وإدارته من أيّ تقصير، موحياً للرأي العام بأنّ «الأستاذ سيحصل على ثلاثة رواتب شهرياً»، كما أنّ الشهر المقبل يحمل معه «ستة رواتب للأساتذة، ودفع بدلات النقل». إلا أنّ ما لم يقله الوزير هو قيمة هذه الرواتب، ومنذ أيّ شهر لم تقبض بدلات النقل. فالرواتب الثلاثة تتراوح قيمتها بين 7 و10 ملايين ليرة، وبدلات النقل مكسورة عن العام 2022 كلّه. كما أنّ الوزير لم يتطرّق إلى كلامه شخصياً مطلع العام الدراسي الحالي حين وعد الجهاز التعليمي بتقديمات تناهز الـ 17 مليون ليرة بين رواتب مضاعفة وحوافز مالية (130$ شهرياً)، لم يتحقق منها شيء.