كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:
لا شك انّ الزلزال القضائي الذي أحدثته تداعيات انفجار المرفأ انعكس سلباً على عمل السلطة القضائية والعدلية، كما انّه تمكن من شطر الجسم القضائي إلى شطرين متخاصمين، إن لم نقل عدة شطور، شبيهة بمدعٍ ومدّعى عليه، يفتقدان «الرئيس الجامع» «القاضي الملك»، لفك النزاع او البت بالحكم العادل.
«الزلزال القضائي» انعكست تداعياته ايضاً بشكل مباشر او غير مباشر على أزمة اعتكاف القضاة المستمرة منذ اكثر من 6 اشهر، وسط غياب أي أفق للحلول، ووسط تذمّر من المواطنين الذين يحملون وحدهم ظلم هذا الاعتكاف، وأبرزهم هؤلاء الذين تعلّقت آمال طلبات إخلاء سبيلهم بأهواء قاضٍ ارتأى عدم البتّ بها لأنّه «معتكف»، ضارباً بعرض الحائط المبادئ الانسانية الأساسية والسامية للعدالة حين أقسم اليمين القضائية.
وفي السياق، تكشف المصادر، انّ الحل الذي كشف عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والذي أعطاه ايّاه وزير العدل هنري الخوري، وفق تعبير ميقاتي، ساهم إلى حدّ كبير في حلحلة ملف اعتكاف القضاة، بعد ان أجرى الخوري سلسلة من الاجتماعات واللقاءات مع القضاة المعتكفين وغيرهم، قبل طرح الحل، الأمر الذي ساهم إلى حدّ كبير في قرار فك الاعتكاف .
في وقت تشير المعطيات، انّ غالبية القضاة قرّروا العودة عن الاعتكاف، عدا أولئك الذين باشروا أساساً وفعلياً، فتوجّهوا إلى مراكز عملهم لمتابعة ملفاتهم وبخاصة في قصر عدل بعبدا. وتشير المعلومات، أنّ الحلحلة التدريجية لملف الاعتكاف سائرة في الخط السليم. فمن القضاة من قرّر العودة مطلع الأسبوع الجاري، ومنهم من قرّر العودة اوائل الشهر المقبل. بالإشارة إلى انّ أغلبية القضاة تجاوبوا وأبدوا استعدادهم للعودة، أقلّه للبت بالملفات الملحّة والضرورية، فيما قرّر البعض العودة بشكل كامل، بعد الحلّ الذي طرحه وزير العدل على ميقاتي.
اما بالنسبة للمتشددين والذين ما زالوا يصرّون على الاعتكاف، وهم قلة، فتلفت المصادر المعنية نفسها، انّ على مجلس القضاء التعاطي معهم وليس مستبعداً ان تتمّ احالتهم إلى التفتيش القضائي.
جديد الاعتكاف
أخيراً، كشف رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في مقابلته الاخيرة، انّ ملف اعتكاف القضاة على طريق الحل، وأنّ وزير العدل هنري الخوري أعطاه الحل. فما هو هذا الحل؟
في المعلومات، انّ الحل هو من خلال صندوق التعاضد الذي سيدفع للقضاة المبالغ التي يتوجب دفعها، وهي عملية مضمونة، بحيث انّ القضاة سيستمرون في قبض رواتبهم الشهرية، بالإضافة الى «المبالغ الرديفة «من قِبل صندوق التعاضد. الّا انّ مصادر وزارة العدل فضّلت عدم الكشف او التداول بأرقام محدّدة تمّ البت بها لإنهاء ملف الاعتكاف، الّا انّها في المقابل أكّدت لـ»الجمهورية» عدم صحة الارقام التي تناولتها بعض الوسائل الاعلامية، مؤكّدة انّ تلك الارقام غير دقيقة وبعيدة من الوقائع الحقيقية.
العودة حتمية
بغض النظر عن المطالب المحقة التي يطالب بها القضاة، يسأل مرجع قضائي رفيع عن الاسباب الحقيقية التي يتذرع بها القضاة، المتشبثون والمتشددون، بوجوب استمرار الاعتكاف. وهنا يُطرح السؤال المشروع عن الأسباب الحقيقية للاعتكاف، بخاصة بعد المعلومات التي تسرّبت عن الجلسة الاخيرة لمجلس القضاء الأعلى، أي منذ حوالى الاسبوعين، بعدما اتُخذ قرار بالطلب من القضاة المعتكفين البتّ بالامور الضرورية والملحّة، بعد الجهود التي بُذلت وأثمرت نتائجها، إن كان من قِبل السلطة التشريعية، عندما اقرّت الموازنة، أو بعد الجهود التي بُذلت من قِبل وزير العدل و بالتعاون مع رئيس صندوق تعاضد القضاة؟! ففي ضوء إقرار الموازنة بالتعاون مع صندوق القضاة، والنتائج التي ترتبت على ذلك، قرّر مجلس القضاء الطلب من القضاة المعتكفين العودة إلى العمل للبت في الامور الضرورية والملحّة ضمن الإمكانات المتاحة.
فيما يشير مصدر قضائي معني، إلى انّ «قرار الرجوع كلياً عن الاعتكاف لا بد أن يسلك طريقه بشكلٍ ملموس بخاصة وإن القضاة هم على قدرٍ من المسؤولية وسيتحملونها كاملة في هذه الظروف الصعبة التي يجتازها لبنان.
في المقابل، يتساءل المصدر نفسه: «كيف يمكن للقضاة الذين يلبّون الدعوات إلى أفخم المطاعم، والتي يتطلب وصولهم اليها مسافات طويلة، ان يعتكفوا ويتمنعوا في المقابل التوجّه الى قصور العدل بحجة ارتفاع اسعار المحروقات؟ او القضاة الذين يسافرون بداعي السياحة، ان يتذرعوا بغلاء المحروقات، سبباً لاستمرارهم في الاعتكاف؟!».