كتب طوني عطية في “نداء الوطن”:
بعد دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي الى عقد جلسة ظهر الأربعاء الواقع في 7 كانون الأول 2022، وذلك لدرس اقتراح وادعاء الإتهام في ملف الإتصالات على وزراء الاتصالات السابقين نقولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجرّاح على خلفية إحالة المدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات قضية مبنى «قصابيان»، تسلك القضية مسارها البرلماني وسط تجاذبات سياسية ودستورية على وقع الشغور الرئاسي.
فهل الجلسة المرتقبة هي «حقّ يراد بها باطل»، من خلال تكريس أعراف تُعرقل انتظام الحياة الدستورية والبرلمانية في لبنان عبر ملفات رغم أهميتها، على حساب انتخاب رئيس للجمهورية وحرف المجلس النيابي عن مساره كهيئة ناخبة؟ أم أن القضية لا تحتمل التأجيل إلى ما بعد انتخاب الرئيس؟ وهل يحرج برّي القوى المسيحية الرئيسية وخصوصاً «القوّات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» باستدراجها إلى جلسة «ميني تشريعية»، وهي التي تعتبر أنّه لا يجوز التشريع طالما أنّ مجلس النواب هيئة ناخبة؟
في هذا السياق، أشار عضو لجنة الإعلام والإتصالات النائب جيمي جبّور لـ»نداء الوطن» إلى أن تكتلّ «لبنان القوي»، سيتّخذ القرار المناسب بشأن حضور جلسة الإتهام بعد اجتماع أعضائه وصدور الموقف النهائي، مردفاً أن «الإتجاه هو نحو التعاون ومعالجة القضية حسب الأصول القانونية والبرلمانية، خصوصاً أننا وقّعنا على العريضة النيابية الإتهامية عبر النائب ألان عون».
في المقابل، شدّد على فتح كلّ الملفات المتعلّقة بالفساد وهدر المال العام وليس فقط بموضوع الإتصالات، مذكّراً أن رئيس «التيّار» النائب جبران باسيل أوّل من أثار ملفّ الإتصالات عندما تولّى الوزارة وأطلق عليه تسمية «ملفّ أسود». واعتبر أن النصّ الدستوري حصر مهمّة الهيئة العامة بانتخاب الرئيس في ظلّ الشغور بغضّ النظر عن الملفات المطروحة أمامه، أكان طابعها رقابياً أم اشتراعياً.
وردّاً على سؤال بشأن توقيت الدعوة وإذا كانت تشكّل إحراجاً «للتيار»، أجاب جبّور: «لن نحكم على النوايا، وما يعنينا في هذه المسألة هو معالجة ملف الإتصالات»، لافتاً إلى أنّ «التيار ليس مع تعميق الفراغ الحاصل على مستوى السلطات، تحديداً في السلطة التنفيذيّة بظلّ وجود حكومة لا تنال ثقة البرلمان وتنحصر مهامها في تصريف الأعمال، إضافة إلى الشغور الرئاسي، لذا لا يجوز أن ينسحب الفراغ على السلطة التشريعية بما يتعلّق بمكافحة الفساد، كي لا يتحوّل إلى منحى عام في البلد. بيكفينا فراغ».
أما على خطّ «القوّات»، وبانتظار الموقف الرسمي لتكتّل «الجمهورية القوية» مطلع الأسبوع القادم، رأى النائب جورج عقيص أنّ «دعوة برّي تُشكّل سابقة كونها مرتبطة بالفساد، ولا تتعلّق بمسائل تشريعية، وبالتالي لن ينتج عنها مشكلة قد تعيق سير القضية»، مُفضّلاً «تأجيل الجلسة إلى ما بعد انتخاب الرئيس، وأن تشمل العريضة الإتهامية كل الفترة السابقة والمخالفات، إضافة إلى إحالة النيابة العامة التمييزية وتقرير ديوان المحاسبة الذي كان على درجة عالية من الخطورة».
واعتبر أنّه «على الرغم من «العيبين» المتمثّلين، أولاً في الجانب الدستوري بدعوة برّي إلى هيئة عامة ضمن فترة الشغور الرئاسي، وثانياً في مضمون ونطاق الإتهام ومدى شموليته، فقد نتجاوزهما (بانتظار القرار الحاسم والنهائي للتكتل)، في سبيل مكافحة الفساد وإيلائه الأهمية القصوى، والسير بالملف حتى لو كان جزئيّاً من أجل وضع اليد على الهدر في المال العام».
وعن هدف رئيس المجلس في توقيت دعوته وحشر «القوات» وجرّها إلى هيئة عامة، قال عقيص: «لن نعالج نوايا برّي الذي عوّدنا على حنكة سياسية عالية، من دون التسليم بها أو الموافقة عليها، وتجلّى ذلك في مسائل عدّة، آخرها، رفضنا الحوار النيابي الذي دعا إليه بشأن انتخاب رئيس الجمهورية، رغم اتهامنا بعرقلة الحوار بين اللبنانيين، وكان موقفنا واضحاً ولم ننجرّ إلى طاولات فولكلورية فيما المطلوب هو الشروع فوراً بالعملية الديمقراطية».
وختم مؤكّداً أنّ «مشاركتنا من عدمها، ستكون مبنية على اعتبارات مبدئيّة، تتوازن بين تفضيل المسألة الدستورية على ما عداها، أو أن نُبدّي موضوع مكافحة الفساد والسير به بمعزل عن طريقة معالجته ومكانه».