كتب غاصب المختار في “اللواء”:
ترى أوساط سياسية متعددة، ان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يكن مضطراً لخوض هذه «المعركة» غير المبررة في هذا الظرف الصعب والمعقّد من كل النواحي السياسية وغير السياسية، فيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء اليوم الاثنين ثم يضطر الى تعديل جدول الأعمال واختصاره، وهو يعلم مسبقاً ان الدعوة لن تمر مرور الكرام، ولو أيّده فيها بعض الحلفاء، وان ثمة مكونات أساسية سياسية وطائفية سترفضها في ظل الشغور الرئاسي، وستعتبرها نوعاً من التحدي والاستفزاز، أو على الأقل إجراءً يمكن استبداله بإجراء آخر عبر المراسيم الجوالة لبعض القضايا التي قال انها ملحة، مثل استحقاقات المستشفيات والاستشفاء وسواها من بنود.
لكن مصادر متابعة عن قرب للموضوع قالت لـ «اللواء»: ان الرئيس ميقاتي كان اعتمد المراسيم الجوالة لو انه كان على يقين من ان وزراء التيار الحر سيوقّعون عليها، لكن الاتصالات الواسعة التي جرت خلال اليومين الماضيين بين معظم الأطراف لخفض التوتر، أظهرت عدم نيّة وزراء التيار التوقيع حتى على المراسيم الجوالة، وأدّت الى تراجع ميقاتي عن جدول الـ 65 بندا وحصره بنحو 20 بنداً. لكن ذلك لم يخفف من حدّة المشكلة.
ومع ذلك لم تقتصر ردود الفعل الرافضة لعقد الجلسة على التيار الوطني الحر، «خصم» ميقاتي السياسي، فقد أصدر الرئيس السابق ميشال عون موقفاً حاداً، كما رفضتها القوات اللبنانية أيضاً، إضافة الى موقف بكركي الرافض ضمنياً الذي عبّر عنه البطريرك بشارة الراعي في عظة الأحد أمس، فيما أفادت معلومات خاصة عن انزعاج حزب الله من جدول الأعمال الفضفاض الذي تضمن بنوداً غير ضرورية وغير ملحّة، مع انه «غير مبسوط مما جرى»، ولو انه لم يعبّر بصراحة عن موقفه منعاً لمزيد من التوتر بخاصة بعدما ايدت حركة «أمل» عقد الجلسة. هذا عدا عن الاختلاف في الاجتهادات الدستورية لبعض الخبراء الدستوريين الذين انقسموا ايضاً بين مؤيد رافض لعقد الجلسة.
صحيح ان ميقاتي وفّر موافقة 15 وزيراً على حضور الجلسة لكن هناك تسعة وزراء أعلنوا في بيان انهم سيقاطعونها ما يعني ثلث أعضاء المجلس زائد واحد، وهم: هنري خوري (العدل)، وموريس سليم (الدفاع)، وهكتور الحجار (الشؤون الاجتماعية)، ووليد نصار (السياحة)، ووليد فياض (الطاقة)، وعبد الله بو حبيب (الخارجية)، أمين سلام (الاقتصاد)، جورج بوشيكيان (الصناعة)، عصام شرف الدين (المهجرين). فهل يؤمّن حزب الله انعقاد الجلسة بـ15 وزيراً عبر حضور وزيريه (علي حمية ومصطفى بيرم)، أم يقاطع الجلسة نهائياً أم يحضر الوزيران لإقرار عدد محدود من البنود الضرورية ثم يغادران الجلسة؟ وهل تعتبر الجلسة شرعية بغياب اكثر من ثلث الوزراء؟
في هذا المجال، علمت «اللواء» من مصادر مطّلعة على موقف «حزب الله» ان الوزيرين حمية وبيرم سيحضران الجلسة اليوم، وان الوزير بيرم عاد أمس من جنيف حيث كان يحضر أحد المؤتمرات، وبررت المصادر سبب الموافقة على حضور الجلسة بتقليص جدول الأعمال وضرورة إقرار المراسيم المتعلقة بصحة الناس وبعض الأمور الضرورية الملحة، وقد تقتصر مشاركة الوزيرين على إقرار المراسيم والقرارات المهمة وليس بالضرورة كل جدول الأعمال.
لكن هذا «الاستنفار» من تسعة وزراء ومن جهات مسيحة وازنة ومؤثرة في كثير من الأمور لا يُمكن أن يُقرأ إلّا من زاوية محاولة تكريس عدم ميثاقية الجلسة، بينما يؤكد مقرّبون من الرئيس ميقاتي انها تستوفي الميثاقية بحضور عدد من الوزراء المسيحيين والسنّة والشيعة والدروز والأرمن. وبغض النظر عن ميثاقية أو عدم ميثاقية الجلسة، فمجرد توجيه الدعوة وحشد العدد الكافي لعقدها من شأنه أن يزيد توتير الجو السياسي ويُعقد مهمات الحكومة لاحقاً وقد يُقفل الباب امام مشاركة الوزراء المقاطعين للجلسة في أي نشاط وزاري لاحق وحتى في الاجتماعات الوزارية المتخصصة لمعالجة بعض المسائل الإجرائية والتقنية.