Site icon IMLebanon

نصرالله يشخّص باسيل: ADHD

أخذ اجتماع الحكومة الإثنين الماضي، بعد اكتمال نصاب الثلثين (16 من 24 وزيراً)، لبنان إلى مستوى جديد من المشاحنات وتضارب المصالح سيكون هذه المرّة بين أقرب الحلفاء: حزب الله والتيار الوطني الحرّ بقيادة جبران باسيل.

جاءت الرسالة مفعمةً بالدلالات وخطوةً متقدّمة على درب نهائية قرار الحزب تحقيق أحد أمرين لا ثالث لهما:

1- إمّا سليمان فرنجية رئيساً.

2- أو فراغٌ يطول مع تدبير الشؤون الطارئة والعاجلة بجلسات حكومية لم تعُد من المحرّمات.

أثبتت الدولة العميقة في لبنان أنّها تملك الثلثين اللازمين لصلاحية ما تستوجبه قرارات الضرورة، وأنّ جبران باسيل مع كلّ محاولات مدّ جذوره إلى العمق المؤسّساتي، بقي طارئاً على أصول اللعبة وزالت عنه امتيازات امتلاك الثلث الضامن ما إن غادر الرئيس ميشال عون قصر بعبدا إلى دارة الرابية.
يعيدنا هذا حكماً إلى حادثة انتخاب الرئيس نبيه برّي رئيساً لمجلس النواب بـ65 نائباً قبل أشهر خلت، في أعقاب الانتخابات النيابية في أيّار الفائت. وهو أمرٌ تشير الإحداثيّات والحيثيّات إلى أنّه قابلٌ للتكرار مع سليمان فرنجية في تاريخٍ يراه جبران باسيل بعيداً ويراه نبيه برّي قريباً ويراه حزبُ الله حاصلاً بحقائق شراء الوقت ودفع أعداد ناخبي فرنجية صعوداً في الداخل وترتيب التوازنات والتوافقات لتعبيد الطريق له في الخارج.

سيقوم حزب الله بالواجب مع سليمان فرنجية هذه المرّة ، فليس الأخيرُ عابرَ طريق في مسيرة حزب الله، ولا هو أقلّ شأناً من ميشال عون حتى يساوم على رأسه من أجل مرشّح آخر. يستحقّ فرنجية وفق أدبيّات حزب الله سنتين ونصف سنة من الفراغ قبل إيصاله إلى الرئاسة مثله مثل ميشال عون.. وأكثر. وهذا ما يستعصي على فهم باسيل وإدراكه لِما يدور في بال حزب الله الطويل.

متلازمة باسيل وفراق “التفاهم”

فرطُ نشاط باسيل في الداخل والخارج، بلا خطّة واضحة، وعدم استيعابه أنّ سليمان فرنجية حانت ساعة رئاسته بتوقيت حزب الله، لم يحُلَّا سلاماً على أوراق تفاهم مار مخايل المتبعثرة. وهنا تأتي المعضلة مترافقةً مع خلل في البنية الفكرية لباسيل الذي لا ينكفئ عن مناطحة الصخور غير مشفق على دماء البلد واستنزاف ذاته السياسية والشخصية.

هكذا لم يعُد أمام الأمين العامّ لحزب الله من مجال لترك باسيل يستبيح التوافقات التي تمّت بينه وبين فرنجية برعايته الشخصية (في لقاءات هي أكثر من تلك المعلنة) وأحدُ مبادئها الأساسية: عدم تهافت أحدهما في الإعلام على النيل من الآخر. التزم فرنجية كعادته، ووعد باسيل فأخلف وشطَح كثيراً في تسريبات باريس. وهذا ما عاد مقبولاً لدى نصرالله.

في مرحلة سابقة قبل “لقاءات الحارة”، قال سليمان فرنجية مرّة إنّه لا أحد يحبّ جبران إلّا الله والسيّد نصرالله. لم يكن ذاك الكلام على سبيل الدعابة، فللقصّة أصلٌ وفصل.

مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله في ضيافة قائد الجيش وحديث الرئاسة المؤجّل

1- كلُّ خطوة سيخطوها الحزب ستكون محسوبة بمقياس تأثيرها الإيجابي أو السلبي على سلوك فرنجية درب بعبدا، وهو ما أتاح التئام مجلس الوزراء في جلسة ستليها أُخَر حسب الحاجة.

2- ما تواصُلُ الحزب المستجدّ مع قائد الجيش العماد جوزف عون ولقاؤه الحاج وفيق صفا وما تلاه من إشادة بدوره من قبل النائب علي عمّار إلّا في سياق الدعم غير المباشر لفرنجية. تترسّخ هذه النظريّة عندما نعلم أنّ صفا لم يُلمّح في لقاء عون إلى موضوع الرئاسة من قريب أو بعيد. وللحديث صلة!

صبيانيّة باسيل: لماذا يعجز عن الفهم؟

عندما سأل نصرالله باسيل في آخر لقاء بينهما: “من تفضّل: سليمان فرنجية أم ميشال سليمان (الرئيس الأسبق) لو خُيِّرت بين الاثنين؟”، أجاب أنّه يختار فرنجية. اعتقد الأمين العامّ للحزب أنّ جبران فهِم فحوى الرسالة التي تفيد بأنّ الحزب قادرٌ أيضاً على المناورة من خلال طرح قائد الجيش الحالي العماد جوزف عون للرئاسة إذا اقتضت ذلك الأسباب، لكنّ باسيل لم يُرِد أن يَعي ويفهم. يبدو أنّ نشاط باسيل المفرط في إيذاء الجميع من دون أن يستثنيَ نفسه يتزامن مع تشخيص بات الحزب يُقرّ به تقريباً، خصوصاً بعد العقوبات الأميركية عليه ونهاية ولاية عهد ميشال عون، ويُبيِّن أنّه يعاني خللاً وتخبّطاً في التركيز وعجزاً عن التبصّر في عواقب فعلاته، وهي أمور زادت في تعقيد الأزمة ونقلها إلى مرحلة أكثر صعوبة.

مجلس النوّاب: ماذا عن الآليّة لإيصال فرنجيّة؟

تبدّت ملامح هذه الاحتمالية في أرقام جلسة الانتخاب الأولى (29 أيلول) قبل أكثر من شهرين، وهي الجلسة الأكثر جدّيةً إذا أردنا استخلاص العِبَر (باقي الجلسات الثماني حتى تاريخه لم تحمل سوى هرج ٍومرجٍ مع المزيد من الهروب إلى الأمام بلا أفق).

في تلك الجلسة المذكورة:

1- اكتمل نصاب الدورة الأولى بحضور 122 نائباً (نصابها: 86).

2- فهم منها المراقب والمهتمّ في الداخل والخارج أنّ الـ63 ورقة بيضاء ما هي إلّا القوّة التجييرية لثنائية حزب الله وأمل وحلفائهما من أجل انتخاب سليمان فرنجية.

3- إذا طُرِحت منها أصوات التيار الوطني الحر يبقى لفرنجيّة 45 صوتاً لا ريب فيها.

4- وفق حسابات الأرقام يُضاف إلى الـ45 ثمانية أصوات هي كتلة الحزب التقدّمي الاشتراكي (يُصوّت وليد جنبلاط بضمانة برّي).

5- أضِف 10 نوّاب يشكّلون تكتّل الاعتدال الوطني (تكتّل سُنّيّ يراقب اتجاه البوصلة السعودية).

6- مع 4 أو 5 نواب بين تغييريّين ومستقلّين هم نواب اللحظة الأخيرة (للمفارقة قد يكون ميشال معوّض واحداً منهم).

7- توصل هذه الحسبة البسيطة سليمان فرنجية إلى الرئاسة بحوالي 70 صوتاً (المطلوب 65 صوتاً).

8- المستجدّ الأرمنيّ (3 نواب).

إذا أُضيفت أصوات النوّاب الأرمن الثلاثة من حزب الطاشناق (وهو تصدّع جديد لكتلة لبنان القوي التي يرأسها باسيل)، وهو ما تُنبئ به مرحلة ما بعد جلسة حكومة تصريف الأعمال بعد حضور وزير الصناعة جورج بوشكيان ممثّل حزب الطاشناق للجلسة وإكمال نصاب الثلثين، تكون الأصوات المؤيّدة لفرنجيّة قد تخطّت سبعين نائباً.