كتب أحمد زين الدين في “اللواء”:
65 يوما على الشغور الرئاسي في لبنان، الذي يعيش كل أنواع الأزمات، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا، بينما تستمر حكومة تصريف الأعمال في مهامها منذ بدء ولاية مجلس نواب 2022 في 22 أيار، في وقت يواصل الدولار تحليقه فيصل الى 48 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، ثم ينخفض الى 42 ألفا، من دون أن يسجل أي تراجع في الأسعار مع تدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية، فيما ينتقل الشغور الرئاسي الى العام 2023، ليستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليه «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد.
بأي حال رغم كل ذلك، فإن «كلمة السر» الحاسمة لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا».
يدخل اللبنانيون عام 2023، وامامهم سلسلة من الاستحقاقات الهامة التي تضاف الى همّ الفراغ الرئاسي الذي يدخل يومه الـ65 دون أن تلوح أي بوادر للحلحلة، في وقت يبدأ العام الجديد من دون موازنة عامة للدولة عنه، بينما يدرس المجلس الدستوري في طعن قدّمه نواب «تغييريون» في موازنة «الضرائب» لعام 2022 التي سبق إقرارها من قبل مجلس نواب وصدرت في الجريدة الرسمية، وأمس، عقد المجلس الدستوري في مقره في الحدت جلسة، للبت في الطعن المقدم من النواب التغييريين في قانون الموازنة في حضور كامل الأعضاء.
وقال رئيس المجلس طنوس مشلب: القرار النهائي بالطعن المقدم بالموازنة سيصدر بعد ظهر الخميس.
ومن الاستحقاقات الهامة التي تواجه لبنان هذا العام الانتخابات البلدية والاختيارية التي لم يفصلنا عنها خمسة أشهر فقط، والتي كان يفترض إنجازها في شهر أيار من السنة الفائتة، ولكن بسبب تلازمها مع الانتخابات النيابية، كانت الأفضلية لإعادة تشكيل السلطة التشريعية، في حين أنّه تمّ التمديد للمجالس البلدية والإختيارية عاماً كاملاً. ففي خضمّ التحضير لخوض الإستحقاق النيابي، فضّلت القوى السياسية بمعظمها عدم تجرّع كأس الخلافات البلدية والاختيارية، فأتى قرار التمديد لعام واحد.
وإذا كانت القوى الأساسية قد إشترت الوقت في السابق، إلا أنّه لم يعد هناك مفرّ من التوجّه إلى صناديق الاقتراع لاختيار الإدارات المحلية، في وقت يكثر حديث كل القوى السياسية عن ضرورة وأهمية تطبيق «اللامركزية الإدارية» والتي تشكّل البلديات لبنتها الأساسية، تبعا للإصلاحات التي تم الاتفاق عليها في وثيقة «الوفاق الوطني» في الطائف عام 1989. علما انه جرت منذ بدء «مسيرة الطائف» أربعة انتخابات بلدية واختيارية، بعد أن جمّدت هذه الاستحقاقات منذ العام 1963، وهكذا شهدنا انتخابات: 1998، 2004، 2010، و2016.
الجدير بالذكر، انه عند إجراء الاستحقاق البلدي والاختياري للمرة الأولى بعد اتفاق «الطائف» كان عدد البلديات 769 بلدية في لبنان عام 1998، ثمّ توسّع العدد ليصير 964 بلدية عام 2010 ومن ثم 1029 بلدية عام 2016، بينما يبلغ عدد البلديات الآن أكثر من 1055 بلدية.
بأي حال، يفترض أن تكون الأجواء في وزارة الداخلية توحي بأن الانتخابات البلدية والإختيارية حاصلة في موعدها في أيار من العام 2023 على رغم الشغور في رئاسة الجمهورية، فهل هناك من إمكانية لإجراء هذه الانتخابات في ظل حكومة تصريف أعمال؟ وماذا يحصل إذا وصل لبنان الى المهل القانونية بانتهاء ولاية المجالس البلدية والإختيارية الممدّدة ورفضت بعض القوى في مجلس النواب إجتماع المجلس بذريعة انه هيئة ناخبة، للتمديد للمجالس البلدية؟
قانونيا ودستوريا، ليس هناك ما يمنع أو يحول دون أن تدعو حكومة تصريف الأعمال الهيئات الناخبة للممارسة حقها في انتخاب المجالس البلدية والمخاتير والمجالس الاختيارية، فقد سبق لحكومة تصريف الأعمال برئاسة الرئيس تمام سلام أن نجحت في إنجاز هذا الاستحقاق عام 2016 في ظل الشغور الرئاسي، فهل ستقوم حكومة نجيب ميقاتي وهي حكومة تصريف أعمال بهذه المهمة، أم ستمتثل لطرح البعض انه مطعون بميثاقيتها كما يرى رئيس «التيار الوطنيّ الحرّ» جبران باسيل؟!
فهل يقوم وزير الداخلية والبلديات بتحديد موعد دعوة الهيئات الناخبة، علما أن عدد المجالس البلدية هو 1,055 بلدية تضم أكثر من 12 ألف و484 عضوا وتتوزع هذه المجالس البلدية: نحو 944 مجلسا بلديا قائما والكثير منها يعاني الشلل والتعطيل، كما أن هناك نحو 84 مجلسا بلديا منحلا يدير أعمالها القائمقام أو المحافظ، يضاف إليها نحو 27 مجلساً بلدياً مستحدثاً بعد الانتخابات البلدية في العام 2016، ولم يسبق أن شهدت إنتخابات ويدير أعمالها أيضا القائمقام أو المحافظ. علما ان هناك الكثير من رؤساء البلديات الذين ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء ولاياتهم، بسبب الأوضاع المالية السيئة للبلديات وعدم نيل حقوقها كاملة من الصندوق البلدي المستقل.