جاء في وكالة “أخبار اليوم”:
في 27 من الشهر الفائت تبلّغت السلطات اللبنانية من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ عبر كتاب رسمي أن وفداً قضائياً من هذه الدول سيزور بيروت بين 9 و20 كانون الثاني المقبل، لاجراء تحقيقات مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومسؤولين آخرين في البنك المركزي ومصارف لبنانية…
كثرت التحليلات والقراءات حول تلك الزيارة المرتقبة، منهم من رحب بالقضاة الاجانب، ومنهم من شدد على احترام السيادة والاتفاقات الدولية ذات الصلة، الا ان السؤال الاساسي هل يجوز لقاضٍ اجنبي ان يجري تحقيقا مع مسؤول لبناني – وليس مواطنا عاديا- وفي اي اطار؟
يشرح مصدر قضائي مخضرم عبر وكالة “أخبار اليوم” انه وفقا للقانون يحق للبنان ان يرفض، خصوصا ان الطلب المقدم الى النيابة العامة لا يتحدث عن الاعمال القضائية التي ينوي الوفد القيام بها، بل عن “شكوك” حول سلامة وادائه، حول الحسابات المصرفية وتبييض الاموال.
وبالتالي يشدد المصدر على ان استقبال الوفد او الاصح السماح له باجراء اي تحقيق مرتبط: اولا: بالموافقة الرسمية من السلطة القضائية، وثانيا موافقة سلامة واي شخصية اخرى.
وردا على سؤال، يشير المصدر الى ان القاضي هو قاضٍ ضمن حدود بلده فقط، وبالتالي لا صلاحيات له خارج تلك الحدود، معتبرا انه اذا كان هذا الوفد يتصرف وفق القانون كان عليه ان يحدد الاعمال القضائية المنوي القيام بها، منتقدا محاولة تصوير وكأن هناك من يخفي عنه التحقيقات او التعاطي مع النظام اللبناني ككل على انه شريك في الفساد.
وهنا يستطرد المصدر للسؤال عن الدور الذي لعبه احد القضاة اللبنانيين، الذي تابع ملفات مصرفية مالية، واعطى ما لديه الى جهات او اجهزة اجنبية، قائلا: الافشاء بسرية التحقيق امام مرجع اجنبي هو جرم، يعاقب عليه القانون المحلي، سائلا: ايضا هل هذا القاضي له يدّ في تنظيم زيارة الوفد الاوروبي.
اما بالعودة الى “التهمة” التي يريد ان يحقق بشأنها الوفد الاوروبي، يجزم المصدر: لا يمكن الاستجواب دون اي شبهة او معلومات، وعندها يمكن للمُستجوب رفع شكوى ضد الوفد، لذا السؤال الاهم ما الذي سيفعله الوفد في لبنان؟
وماذا عن الالتزام باتفاقية التعاون القضائي مع الاتحاد الاوروبي؟ يتحدث المصدر عن المعاملة بالمثل: هل اذا ذهب وفد لبناني الى اوروبا على غرار الوفد المشار اليه، سيتمكن من القيام باي مهمة، مشددا على ان قضاء التحقيق هو سلطة في الملفات التي ينظر يها، شارحا هذه السلطة اساسا هي لصيقة بالسيادة، السيادة تعني حماية السلطات التي تقوم بواجباتها الدستورية، وبالتالي لا يمكن اجراء تحقيقات اجنبية الا اذا تبين وجود جرم يعاقب عليه القانون اللبناني لا شيء اسمه جرائم دولية.
وفي هذا السياق، يشرح المصدر ان لا وجود لـ”جرم دولي”، كما لا محاكم دولية خارج اطار جرائم محددة، لافتا الى وجود محكمة وحيدة يمكنها ان تتحرك دوليا، هي محكمة العدل الدولية، وحتى هذه المحكمة تنظر في جرائم محددة “ضد الانسانية” و”جرائم الحروب”، وبالتالي التهم التي توجه الى رياض سلامة- ان كانت موجودة- لا تعتبر دولية.
ويختم المصدر داعيا الوفد الاوروبي الى عرض الملف بوضوح امام السلطات اللبنانية وتحديد هواجسه، وان لم يكن لديه اي براهين يبني عليها ملفه، فليقم اولا بعمله ضمن بلاده ثم اذا وجد شيئا يتحرك في الخارج وفقا للاصول.