عندما أقرأ تصاريح بعض الديبلوماسيين أو المسؤولين الأجانب المتخصصين بالوضع اللبناني، دائماً ما يخطر ببالي مثل شائع كثيراً يُقال عن بنات الهوى أو ما شابه من النساء التي لا مكان عندها للخجل، ولا مجال لذكره هنا، بهدلات لم ولن تفعل فعلها في هكذا عصابة مجرمة تحكمت ببلد بكامله ونهبت كل ما وقع تحت أياديها القذرة، فأوصلت لبنان الى أسوأ أزمة مالية وإقتصادبة عرفها العالم.
سأل أحد كبار المسؤولين الماليين الدولين وفداً لبنانياً، “هل قادتكم حقاً لبنانيون؟ لقد اقتربنا من الشك في ذلك!” وذلك في معرض حديثه عن التخاذل الفادح والفاضح في تحملهم لمسؤولياتهم، ولو بالحد الأدنى المطلوب.
وواضح من طريقة طرح السؤال وما إستتبعه، أن هذا المسؤول يعرف جيداً الجواب على سؤاله، أكثر بكثير من قسم لا بأس به من الشعب اللبناني، الغاشي والماشي والمنتخب لتلك المافيا والعصابة المجرمة مراراً وتكراراً.
لم نعرف ما كان جواب الوفد اللبناني ورده على المسؤول المالي، لكن سنجيب نحن من وحي واقعنا وما نعيشه في جهنمنا.
على مستوى بطاقة الهوية والأوراق الثبوتية، أكيد كلهم لبنانيون، ومعظمهم، لأكثر من 10 سنوات.
لكن هل يكفي أن تكون لبنانياً على الهوية لتكون رجل دولة ضنيناً على مصالح شعبك ووطنك؟
الواقع للأسف أن معظم المسؤولين في الدولة اللبنانية، وكي لا نرجع الى ما قبل السبعينات، سنبدأ أقله منذ سيطرة الإحتلال السوري على لبنان بداية تسعينات القرن الماضي، ، ولاؤهم الدائم للمحتل السوري، ولو بنسب متفاوتة وصلت في معظمها الى الولاء الأعمى، ضاربين عرض الحائط بلبنان واللبنانيين، لا هم عندهم إلا إرضاء المحتل ومصالحهم وسلطتهم، حتى أنهم كانوا يتمادون بعمالتهم الى ما بعد بعد ما هو مطلوب منهم، في ماراتون تنافسي بينهم لإرضاء الطاغية وقادته العسكرين والأمنيين الذين كانوا يعاملونهم بأذل الطرق والأساليب.
بعد الـ2005 وخروج المحتل السوري، سلًم تلميذه النجيب المهمة، فأصبح المسؤولون اللبنانيون يتأرجحون بين ولائهم للمعلم الأكبر، وآخرين لتلميذه المربوط عضوياً بالنظام الإيراني.
وهكذا، ينقسم هولاء الخونة اليوم بين أولياء أمرهم ونعمتهم، النظام السوري والنظام الإيراني بأدواتهم اللبنانية، مع جنوح المافيا للأول، والعصابة للثاني.
وكان دبلوماسي آخر صرّح أن “عمليات النهب والسرقة التي حصلت في لبنان للأموال العامة والخاصة والتي لم يسبق أن شهدتها أي دولة من دول العالم ولم تمارسها حتى مافيات عالمية!”
هذا هو واقعنا الذي ساهمت في الوصول إليه كل دول العالم تقريباً، منذ إتفاق الطائف الذي أتى بغطاء عربي ودولي، والذي جيّر لبنان للسوريين ليفعلوا به ما طاب لهم من دون أي حسيب أو رقيب، وبالتوازي، الغنج والدلع لحزب الله على مدى عشرات السنين، ولليوم ما زالت بعض الدول حتى الأوروبية، ترفض وضعه على لائحة الإرهاب، بينما كل الدول المعنية كانت ساكتة وتغض الطرف عن كل السرقات والأموال المُهربة المسروقة المنهوبة من جيوب الشعب اللبناني، خوفاً من أن يؤثر ذلك على مزاج إيران جراء سياسة إسترضائها لكف شرّها، في أسلوب فاشل فشلاً ذريعاً.
إنفجار هزّ العالم ودمر لبنان، وكل العالم يتفرج من بعيد وكأن شيئاً لا يعنيه، ولا نعرف إذا كان السبب ضلوع دولة صديقة لهم في التفجير، لكن أياً يكن المفجر، هناك حقائق لا يمكن السكوت عنها، من إستراد الأمونيوم وتخزينه خلافاً للأعراف والأصول، الى إستعماله على مدى عشر سنوات… وصولاً الى تفجيره؟
أين المجتمع الدولي من هذه الجريمة الموصوفة التي لا مثيل لها في التاريخ؟
هل يتكل على بعض أهالي الشهداء ومن يساندهم، للوقوف في وجه هذه العصابة الكبيرة التي لا تقيم أي إعتبار للأخلاق والضمير؟
وإذا كانت هذه المافيا والعصابة من دون أخلاق ولا ضمير، فأين ضميركم أيها الأوروبيون المتباكون على حقوق الإنسان والنازحين والمهجرين والمعاقين والمشردين والمستضعفين…؟
أم أن حقوق الحيوان وحقوق المثليين وزواجهم وحق تغيير الجنس… أعمت ضميركم عن القضايا التي يجب أن يعطيها كل الأولوية؟!
لا يمكن ترك الشر يسرح ويمرح وتكتفون بالتفرج عليه لأنه بعيداً عنكم، فيوماً ما، ستجدون هذا الشر يقرع بابكم الأمامي.