IMLebanon

باسيل أمام خيارين!

جاء في “الجمهورية”:

لا يمكن وضع لبنان على سكة المعالجات المطلوبة قبل انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة توحي بالثقة للداخل والخارج، وهذا ما تدركه جيداً القوى السياسية التي لم تتفِّق بعد على هوية الرئيس الجديد، فيما المخاوف تكبر من ان يطول أمد الشغور وانعكاساته على أوضاع البلد السياسية والمالية والاجتماعية، خصوصاً انّ الشغور الرئاسي هذه المرة يختلف عن المرة السابقة أقلّه من ناحية الانهيار الحاصل، والذي لا يمكن معالجته سوى من خلال نصاب دستوري وطني وسياسي كامل ومتكامل.

وفي هذا الوقت، تتسع الهوة أكثر فأكثر بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» خصوصاً في حال دعوة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى اجتماع للحكومة، على الرغم من الإشكالات التي أحاطت بالجلسة الأولى، وخرج عن هذه الملابسات نوع من وعود ضمنية من الحزب بأنّها ستكون الأخيرة، فيما انعقاد جلسة حكومية هذا الأسبوع يعني انّ الانعقاد تحوّل قاعدة لا استثناء، بمعزل عن كل التبريرات والأولويات، في ظلّ رفض رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل المطلق لانعقاد أي جلسة، واعتبارها غير دستورية، وتجاهل مكون أساسي واشتراطه توقيع جميع الوزراء على أي قرار، ورفض ميقاتي نظرية المرسوم الجوال، وحرصه على استخدام صلاحياته وتوفير مظلّة قانونية لسلفة الكهرباء.

ولم ينجح «حزب الله» في التوفيق بين ميقاتي وباسيل، ويبدو انّه اتخذ قرار المشاركة في الجلسة استناداً إلى أولوية تسيير أمور الناس، ما يعني انّ انعقاد الجلسة ومشاركة الحزب سيؤديان إلى مزيد من اتساع الهوة بينهما، وما ينطبق على الجلسة الأولى قد لا ينسحب على الثانية، الأمر الذي سيضع باسيل بين خيارين:

ـ خيار استيعاب الرسالة الثانية الحكومية، والتعامل معها بموقف متشدِّد سياسياً وليِّن عملياً، اي الاستمرار في دائرة التشنُّج نفسها من دون العودة إلى الخلف ولا التقدُّم في اتجاه فكّ التحالف.

– خيار الردّ على الرسالة الحكومية برسالة رئاسية، من خلال تبنّي أحد الترشيحات الرئاسية، لأنّ باسيل يعتبر انّ تراجعاته المستمرة أمام «الحزب»، بدءاً من تبنّي خصمه الرئاسي، وصولاً إلى الجلسات الحكومية، تؤدي إلى مزيد من إضعاف موقعه في المعادلة الوطنية، وانّ رضوخه لأولويات «الحزب» وتخلّيه عن أولوياته من دون مقابل، يُفقده أوراقه مع «الحزب» ومع خصومه، وبالتالي في حال قرّر «الحزب» تبدية خيارات أخرى فإنّه سيبحث بدوره عن خيارات بديلة وجديدة.

فالمتحول الوحيد في المشهد السياسي الذي يُمكن التأسيس عليه في الملف الرئاسي يكمن في العلاقة بين «حزب الله» وباسيل، فإذا توافقا اقتربا من انتخاب رئيس الجمهورية، وإذا افترقا حرّكا المياه الرئاسية الراكدة، لأنّ الرهان على حركة الخارج ليس في محله، في اعتبار انّ هذا الخارج ما زال تحت سقف التمنيات والحضّ وتحميل القوى السياسية اللبنانية مسؤولية استمرار الشغور.