جاء في “الجمهورية”:
كل ما تقدّم فحواه تعطيل متعمّد للملف الرئاسي ومنع انتخاب رئيس للجمهورية يصاحبه عبور سريع نحو تصويب المسار الحكومي عبر تشكيل حكومة جديدة تلتقط زمام البلد وتضعه على سكة الانفراج، وجلسة المجلس النيابي المقرّرة بعد غدٍ الخميس لانتخاب الرئيس، تشكّل بفشلها الحتمي إمعاناً في المضي على هذا المنحى، وتوجيه المسار خارج التوافق، الذي يشكّل بشهادة القريب والبعيد المعبر الإلزامي الوحيد لتحرير الملف الرئاسي من قبضة الفراغ والتعطيل.
وعلى ما هو مؤكّد انّ المنحى التعطيلي هزم الجهود الرامية إلى تحقيق هذا التوافق، وفرمل أي اندفاع او تحرّك في هذا الاتجاه، دون ان يقدّم في المقابل بديلاً يرادفه، بل على العكس، تسلّح ولا يزال بأوهام بديلة للتوافق، عبر طروحات تأخذ تارة شكل ترشيحات استفزازية، وتارة اخرى شكل مواصفات تعكس إرادة الغلبة والتحكّم؛ وكلها طروحات فشلت في تمرير نفسها على مدى كل الجلسات الفاشلة في انتخاب رئيس الجمهورية. وعلى ما يقول عاملون على خط التوافق لـ”الجمهورية”: “في هذا الجو القائم والغارق في طروحات متصادمة لا أمل يُرجى منها في إمكان كسرها لجدار التعطيل”. ونسب هؤلاء إلى أحد كبار المسؤولين السياسيين قوله ما حرفيّته: “بعدما تقطّعت كل خيوط التوافق، يمكن القول بكل ثقة انّ الفرج الرئاسي بعيد المنال، ثمة من تحدث في بدايات الأزمة الرئاسية، عن فترة اسابيع وشهور من الفراغ الرئاسي، فهذا كلام خاطئ ومبالغ في تفاؤله، حيث انّ فترة الفراغ في سدّة الرئاسة في أجواء الطلاق السياسي القائم، أطول مما يتخيّل البعض، حيث يُخشى ان يطيح الفراغ في رئاسة الجمهورية بسنة 2023 كلها”.
يتقاطع هذا التشاؤم، مع توصيف بالغ الدلالة للواقع الرئاسي، أوردته مصادر مسؤولة لـ”الجمهورية” بقولها: “ينبغي ان نتصارح جميعاً، بأنّ سياسة الاختباء خلف الاصابع فاشلة ومفضوحة، فلا توافق ممكناً في الداخل على انتخاب رئيس للجمهورية، لا بل هو مستحيل، طالما انّ اطرافاً سياسية تعتبر انّها بتعمّدها تعطيل انتخاب الرئيس تستجدي تدخّلاً خارجياً، تعتقد انّه قد يفرض وقائع تغييرية لمصلحتها، علماً انّ الخارج، كلّ الخارج، يدرك انّ اي تدخّل في لبنان، ستكون كلفته عالية جداً، قد ترتب وقائع مغايرة لتلك التي يعوّل عليها المراهنون على الخارج. وعلى هذا الأساس ينكفئ الخارج من واشنطن إلى باريس وكل الدول، عن اي تدخّل، ويترك الامر للبنانيين في تقرير مصير انتخاباتهم الرئاسية. والمريب في الأمر انّ هؤلاء المراهنين لم يلتقطوا الإشارات المتتالية من كل المجتمع الدولي، والمؤسف انّهم لا يزالون يعتقدون انّ ثمة في الخارج من هو حاضر للمجازفة كرمى لعيونهم”.
وفي هذا السياق، أبلغ مرجع مسؤول إلى “الجمهورية” قوله رداً على سؤال عن مصير الملف الرئاسي: “الحل الرئاسي صار أشبه بالغاز البحري، فالغاز البحري غارق في قاع البحر، ويحتاج إلى سنوات لاستخراجه والاستفادة منه، وبالتالي يفتح الطريق امام لبنان للانضمام إلى نادي الدول النفطية والغازية. واما الحل الرئاسي فغارق في قعر بحر سياسي “معوكر”، نخشى من ان نحتاج لأكثر من سنة لاستخراجه، وتمكين لبنان من الانتقال من دولة هشّة إلى دولة محصّنة، والانضمام إلى نادي الدول التي تسلك سبيل الاستقرار السياسي، والتعافي والانفراج المالي والاقتصادي والاجتماعي”.