Site icon IMLebanon

باسيل بين خيارين… أحلاهما مُرّ!

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

يضرب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل اخماسا بأسداس، جراء ما اصبح عليه وضع التيار السياسي حاليا، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون الفاشلة بكل المقاييس، وبسبب تصدع التحالف مع حليفه الوحيد حزب الله، الى حدود التفكك، بالرغم من كل محاولات ترقيعه الاصطناعية،وانكفاء معظم الكتل والاحزاب الاساسية عن التقارب او ارساء اي تحالف ظرفي او حتى تعاون شكلي معه لانعدام الثقة مع رئيسه، بعد سلسلة من التجارب الفاشلة، بالتنكر والانقلاب على الاتفاقات والتفاهمات المعقودة معه طوال المرحلة الماضية.

استفاق باسيل قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون باشهر معدودة، ان مرحلة الاستقواء والتفرعن على الاخرين، التي مارسها طوال العقد الماضي واكثر أوشكت على الإنتهاء، واصبحت كل اساليب التعطيل والابتزاز، التي مارسها ضد الاخرين سابقا، انتهت صلاحياتها، ولم تعد تنفع في تحقيق طموحاته التي لاتنتهي. سقطت كل مطالبه وشروطه اللامحدودة، بمغادرة عون قصر بعبدا بدون تأليف حكومة العهد الاخيرة، بعد فشل كل سيناريوهات التمرد والاستعصاء داخل القصر والتهويل والتهديد بالفوضى والخراب الدستوري والشعبي، بغياب ملحوظ لكل مراسم الوداع والمواساة التقليدية من الحلفاء والمقربين.

لم يقتنع رئيس التيار الوطني الحر انه كان يلعب دورا رسمه له الحليف بدقة ولمرحلة معينة، وكان واجهة لتمرير سياسات وممارسات وارتكابات الحزب بالداخل وانخراطه بالحروب المذهبية بسوريا والعراق واليمن واستهداف الدول العربية الشقيقة والصديقة، مقابل اطلاق يده وتياره في الانغماس بنهب اموال الكهرباء بالمليارات والهيمنة على العديد من الوزارات ومفاصل الدولة، حتى ظن نفسه في وقت من الاوقات، انه بات الرقم الصعب في المعادلة الداخلية، لا يمكن تجاوزه ويحسب له ألف حساب.

ومن هذا الموقع تصرف باسيل، عندما رفض توجه حليفه حزب الله الداعم لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، وحاول لعب دور مستقل، بالالتفاف على هذا الترشح وافشاله،بالرغم من كل محاولات النصح، بالاقلاع عن هذا التصرف والعودة إلى الانتظام تحت عباءة التحالف التي اوصلت ميشال عون لرئاسة الجمهورية سابقا، ونصّبت باسيل في اكثر من موقع وزاري بالقوة، ومكنته في ممارسات استعداء الخصوم وتعطيل تشكيل الحكومات وعرقلة مهماتها، وحتى اسقاطها،كما حصل اكثر من مرة.

اليوم، يتخبط رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في المواقف والخيارات التي سيعتمدها في قادم الايام،بعد سلسلة الصفعات التي تلقاها من حليفه الوحيد والمتبقي حزب الله، قبيل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون باشهر معدودة، وبعدها بتجاهل اعتراضه على انعقاد جلسات مجلس الوزراء، والانحياز إلى تأييد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في المرة الاولى والمرة الثانية على التوالي، برغم كل حملات الضجيج السياسي العوني المثار حولها.

لم يستطع باسيل اخفاء خلافه واستيائه من مواقف حليفه حزب الله، بتاييد ترشيح فرنجية من جهة، وبدعم توجهات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جهة ثانية، منذ اجهاض تشكيل حكومة آخر العهد التي لم تتشكل، وصولا إلى انعقاد جلسات الحكومة المستقيلة، واصبح بين شاقوفين، فإما ان يفك تحالفه نهائيا مع الحزب، كما هدد اكثر من مرة ويبقى يغرد وحيدا بما تبقى من كتلته المستعار بعض نوابها من كتل اخرى، لتكبير حجم التيار اصطناعيا بمواجهة خصومه المسيحيين كالقوات والمردة، او الانتظام بالتحالف مع الحزب حسب توجهات ومصالح الاخير وبدون اعتراض.

ويبدو ان أياً من الخيارين، امرُّ من الآخر،لان فك تحالف التيار مع حزب الله، لا يضمن ارساء تحالفات جديدة مع اطراف سياسيين مؤثرين، بالرغم من كل محاولات رئيس التيار الوطني الحر، اعادة التواصل مع خصومه السياسيين، ولكن من دون جدوى حتى الان، ما يعني بقاءه منفردا،او على الاقل من دون تحالفات مؤثرة، تعوضه خسارة تحالفه مع الحزب، في حين ان اعادة ترميم علاقاته المتصدعة مع الحزب، يعني تجديد تحالفه على وقع التداعيات السلبية الناجمة عن ممارسات الاشهر الماضية، وتاييد كل مايقرره الحزب بالرئاسة وغيرها من دون ازعاج، وهذا يعني هضم كل التهديدات التي لوح بها باسيل، وتجاوز كل استدراج العروض، بالانفتاح بكل الاتجاهات وخصوصا نحو خصوم الحزب عرببا ودوليا.

ازاء هذا التخبط الذي يراود رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران، يحضر في ذاكرته، مسلسل الفرص الثمينة التي اهدرها طوال سنوات العهد العوني، لاقامة حلقة تحالفات سياسية مع قوى سياسية فاعلة، إن كان مع زعيم تيار المستقبل سعد الحريري الذي مد يده بصدق وجدية، للتعاون البناء للنهوض بلبنان من كل النواحي، او القوات اللبنانية، او الحزب التقدمي الاشتراكي والاخرين، لكان امكنه تحقيق التوازن اللازم بتحالفاته، وأمن الحد الادنى من نجاح العهد، حتى لو انفرط تحالفه مع حزب الله نهائيا.

ويبدو انه قد فات الاوان لباسيل لمراجعة الاخطاء في الممارسة السياسية، وتجاوز الخطايا والارتكابات التخريبية التي مارسها بامتياز، ولم يعد ينفع الندم في اعادة عقارب الساعة الى الوراء، مهما تقلب وتفنن في اطلاق المواقف وإصدار البيانات الوهمية والمزيفة.