بدأت تداعيات قرار المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار تنعكس على المشهد السياسي – الطائفي في لبنان مع ارتفاع حدة المواقف الرافضة لخطوته من بعض الأفرقاء لا سيما «حزب الله» وحركة «أمل» وحلفائهما مقابل الدعم الذي يتلقاه من المعارضة.
وبينما كان لافتاً أمس، الموقف الصادر عن السفارة الأميركية في بيروت، التي حثّت السلطات اللبنانية على «استكمال تحقيق سريع وشفاف في انفجار المرفأ»، تحولت أمس، جلسة مناقشة قانون استقلالية القضاء التي كانت تعقدها لجنة الإدارة والعدل النيابية، إلى «معركة» بين نواب «حزب الله» و«أمل» من جهة، الذين شنوا حملة على القضاء «المسيّس»، ونواب من المعارضة من الجهة الأخرى دافعوا عن البيطار وقراراته، بحيث سُمعت أصوات النواب المرتفعة إلى خارج القاعة.
وحسب المعلومات فإن السجال بدأ مع انتقاد النائب في «حزب الله» حسين الحاج حسن، للقاضي البيطار، ورأى أن تسريب محاضر التحقيقات والأسماء أمر خطير جداً، لتتوسع الدائرة المؤيدة لموقفه وبشكل أساسي من نائبي «أمل» علي حسن خليل وغازي زعيتر اللذين اتهما البيطار بتنفيذ «أجندات سياسية». وخليل وزعيتر هما بين المسؤولين الملاحَقين من البيطار في إطار تحقيقاته. وتحدثت وسائل إعلام لبنانية عن مواقف عالية السقف من نواب «الثنائي الشيعي»، الذين قوبلوا بمواقف مدافعة عن البيطار من نواب معارضين، بينهم النائبة نجاة صليبا.
من جهته، اتهم النائبُ السابق وئام وهاب، البيطار بتعميم الفوضى، وكتب على حسابه على «تويتر» قائلاً: «القاضي بيطار يخالف القانون ويعمم الفوضى تحت شعار تحقيق العدالة. خطورة جنون هذا القاضي أنه يشرّع سقوط الدولة وتصرف الجميع على أساس كل مين إيدو إلو. كل يوم نتأكد أن سقوط الدولة أصبح أمراً واقعاً».
ولم يقتصر انتقاد عمل البيطار على السياسيين، إنما سُجل موقف من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي اتهم القاضي بقيادة «لعبة ابتزاز». وقال في بيان: «بعد تضييعه للعدالة ونسف القيمة الوطنية لقضية المرفأ وشهدائه، عاد القاضي البيطار بعقلية ضابط بلا قوانين رغم أنه غير موجود عدلياً بعد كفّ يده، لذلك ما يقوم به البيطار تدمير تعسفي وكوميديا تطال قضية المرفأ ودماء شهدائه، والمطلوب إنقاذ العدالة من لعبة الابتزاز التي يقودها البيطار لأن البلد برميل بارود».
في المقابل أثنى رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، على قرارات البيطار، مذكِّراً بأن المسؤول في «حزب الله» وفيق صفا، سبق أن توجه إلى قصر العدل وهدد القضاة، وقال: «هناك محاولة لمنع أي تحقيق دولي، لأن هناك مسؤوليات ستقع على من يستلم البلاد في لبنان، أي (حزب الله) وحلفاؤه». ورأى أن «هناك مقاومة يقوم بها القاضي البيطار وبعض القضاة الشجعان للتمسك بالعدالة وحقوق ضحايا المرفأ وذويهم ومعرفة ما حصل».
وتحدث الجميل عن فقدان كمية من النترات التي كانت موجودة في المرفأ، مشيراً إلى أنها كانت تُهرَّب إلى سوريا، وقال: «هناك تساؤلات عن العنبر المعروف بأنه عنبر (حزب الله)، وأين كانت تذهب النترات؟ وبتغطيةٍ ممن؟ ومَن يعلم أن هناك آليات تأتي إلى المرفأ وتنقل النترات إلى خارجه؟ وهناك مسؤولون يعرفون ذلك، وهناك وزراء يعلمون بهذا الأمر».
وعن الادعاء على اللواء عباس إبراهيم واللواء أنطوان صليبا، قال: «يجب أن نحترم القاضي البيطار، وعلى الجميع أن يتجاوب معه، ومن لا تقع عليه مسؤولية يجب ألا يخاف من الذهاب إلى القضاء والإدلاء بما لديه من معلومات».
كذلك، رأى حزب «الكتلة الوطنية» أن «قرار البيطار شجاع وجريء، يؤكد من خلاله أهمية دور القضاء اللبناني في حماية حقوق ضحايا تفجير بيروت». وجاء في بيان للحزب: «إن هذا القرار ينطلق من إعلاء مبدأ العدالة على أي محاولة مفضوحة لعرقلة التحقيق عبر طلبات رد ومخاصمة تهدف إلى تكريس مبدأ الإفلات من العقاب، وعبر حملات تخوين والتهديد بحروب أهلية والاختباء خلف حصانات وهمية».