كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
يُنذر التفلّت السريع لسعر صرف الدولار الذي ارتفع خلال يومين بأكثر من 6000 ليرة لبنانية في ظلّ احتدام الكباش السياسي والقضائي بنتائج وخيمة لا تحمد عقباها، إذ إن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة في “حارة كل من إيدو إلو”. فعدا عن فلتان عدّاد زيادة أسعار السلع في السوبرماركات، كسرت أسعار المحروقات حاجز المليون ليرة، وبات سعر صفيحة البنزين مليون وخمسة آلاف ليرة للمرة الأولى في تاريخ لبنان بارتفاع بقيمة 306 آلاف ليرة خلال 22 يوماً، الأمر الذي دفع بسائقي الأجرة الى رفع تسعيرتهم الى 70 ألف ليرة للراكب الواحد.
حيال هذا الواقع المأزوم والذي دفع المواطنين الى النزول الى الشارع لاطلاق صرخة علّها تهزّ ضمائر المسؤولين، تكاثرت التنبيهات من انعدام الأمن الغذائي والإستشفائي والتربوي… في حال استمرّ انهيار الليرة في تلك الوتيرة نحو الإرتطام الفعلي الكبير.
وفي هذا الإطار، اعتبر الوزير السابق ورئيس الهيئات الإقتصادية محمد شقير خلال حديثه الى “نداء الوطن” أن “الوضع خطير والخوف من إنزلاق البلاد نحو المجهول مع ما يحصل من تدهور “مخيف” لكل نواحي الحياة مدفوعاً بتسارع إنهيار الليرة امام الدولار وفي الفراغ الرئاسي والشلل السياسي”.
وعبر شقير عن تفاجئه بحصول التدهور السريع لسعر صرف الدولار منذ نحو ثلاثة أيام بعد نهاية للعام 2022 محفوفة بالتفاؤل بالنسبة الى القطاعات الإقتصادية. فالأخيرة سجّلت أرقاماً جيدة لم تكن متوقّعة بعد “الصيفية” وعيدي الميلاد ورأس السنة، حتى ان المطاعم عادت لتفتح أبوابها مجدّداً وسجّلت 30 مطعماً جديداً ما خلق 450 فرصة عمل. إلا انه ومنذ ثلاثة أيام “تخربط” الوضع، وشهدنا تدهوراً دراماتيكياً مخيفاً وغير محسوب، نتج على ما اعتقد من تدخلات خارجية وأخرى داخلية لديها مصلحة باللّعب بالأوضاع لغاية ما، خصوصاً ان الأمور لم تكن تظهر في وقت سابق على أنها على هذا المستوى من الهشاشة.
وإذ أبدى تخوفه من حصول إنفجار إجتماعي “سيطيح بكل شيء”، إستعجل القيام بحلول جذرية قبل فوات الأوان، مشدداً في هذا الإطار على ان “الحلّ الوحيد لكبح التدهور المستمرّ هو إستقامة الوضع السياسي الذي يشكل إنتخاب رئيس الجمهورية ركيزة أساسية له، فهذه الخطوة بحدّ ذاتها من شأنها أن تخفّض سعر صرف الدولار من 56 ألف ليرة الى تحت عتبة الـ40 ألف ليرة، لأن من شأنها أن تعطي الأمل بدخول البلاد بآفاق جديدة. فكيف اذا ما استتبعت تشكيل حكومة وإقرار القوانين الإصلاحية العالقة وتوقيع الإتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
وحذّر من أننا “مقبلون على أيّام أصعب في أمننا الغذائي من تلك التي نشهدها اذا لم يكن لدينا وعي كاف داخلياً لانتخاب رئيس. فالناس لغاية الساعة لا تزال تؤمن حاجاتها من مأكل ومشرب، أما اذا تابع الإنهيار مساره الإنحداري السريع فالآتي أعظم”.