كتب نذير رضا في “الشرق الأوسط”:
بدأت قوى المعارضة في البرلمان مساراً تصعيدياً، شارك فيه 40 نائباً، يشكلون ما يقرب من ثلث أعضاء البرلمان (128 نائباً) وانتهى الاجتماع بإصدار بيان يدعو إلى محاسبة مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، والمطالبة بلجنة تقصي حقائق دولية في انفجار المرفأ، على خلفية الإجراءات القضائية الأخيرة والتعثر السياسي، رافضين إقرار أي قانون في مجلس النواب، والتأكيد على أن «مجلس النواب هيئة انتخابية ملتئمة بشكل دائم».
وانفجرت التوترات القضائية عندما وجه المحقق العدلي في الملف القاضي طارق البيطار استدعاءات قضائية وادعى على شخصيات جديدة، بينها مدعي عام التمييز نفسه، رغم أن دعاوى المتضررين كفت يد البيطار منذ سنة وأربعة أشهر، ما دفع عويدات، الأربعاء، لاتهام البيطار بأنه يغتصب السلطة. ورد عويدات على البيطار بإجراءات تضمنت إطلاق سراح 17 شخصاً كان البيطار قرر توقيفهم.
وأثار الانقسام القضائي توترات سياسية وشرخاً في المؤسسة القضائية، حيث رأى نادي القضاة، في بيان الخميس، أن قرار المحقق العدلي، مهما كانت الملاحظات القانونية عليه ويمكن معالجتها وفق الأصول، «لا يبرر ردة الفعل التي تبعته والتي جاءت للأسف خارجة عن الضوابط والأصول بشكل صارخ يهدم أساسات العدالة والقانون». ودعا «كل من ارتضى ألا يتصرف كقاضٍ ورهن نفسه لخدمة السلطة السياسية واللاعدالة إلى أن يبادر إلى الاستقالة تمهيداً للمحاسبة والمساءلة، لأنه لم يعد يشبهنا وأسهم في ضرب هيبة القضاء ودولة القانون والمؤسسات»، في إشارة إلى عويدات.
وإثر تلك التطورات، ذهبت المعارضة التي تتمثل بحزبي «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» ونواب كتلة التغيير وشخصيات مستقلة معارضة، في خطوات تصعيدية سياسية، وفق ما قالت مصادر نيابية، شملت الدعوات لتصويب العمل القضائي، كما تضمنت إجراءات سياسية تتمثل في عدم المشاركة في أي جلسة برلمانية تشريعية في الهيئة العامة، قبل انتخاب رئيس للجمهورية ووضع حد للشغور الرئاسي.
وغداة مؤازرة نواب المعارضة للناشطين وأهالي ضحايا المرفأ في اعتصامات وتحركات أمام قصر العدل، استكملت الخطوة، أمس، بالاجتماع الموسع الذي عقدوه في البرلمان، وحضره 40 نائباً وشارك فيه مستقلون وسياديون وممثلون عن حزبي «القوات» و«الكتائب»، أعلنوا في ختامه «تبنّينا للبيانين الصادرين عن مجلس نقابة المحامين في بيروت ونادي قضاة لبنان، وهما من أهل البيت القضائي والقانوني، وندعم مطالبتهما بالمحاسبة الفورية لمدعي عام التمييز بسبب ما قام به من مخالفات فاضحة».
وقال النواب المجتمعون، في بيان تلاه النائب وضاح الصادق: «نشهد انقلاباً مُدمّراً بدأ باغتيال العدالة في مقتلة بيروت التاريخية بقرارات ووسائل فاقدة للشرعية فلا مساومة على دم أبرياء 4 آب»، في إشارة إلى تاريخ انفجار مرفأ بيروت الذي أدى إلى مقتل ما يزيد على 225 شخصاً، وإصابة نحو 6 آلاف، وتدمير أجزاء كبيرة من العاصمة اللبنانية.
وقال النواب: «نرفض أي مساس بصلاحيات المحقق العدلي لجهة إشراك أي قاضٍ رديف بملف عكف على إعداده قاضٍ لا يزال معيّناً أصولاً للتحقيق فيه ونطالب بمتابعة التحقيق وإصدار القرار الظني». وأضافوا: «ندرك مخاطر شغور الرئاسة وجئنا موحدين لنعلن أننا نلتزم بأحكام الدستور التي تنص على أن مجلس النواب هيئة انتخابية ملتئمة بشكل دائم».