Site icon IMLebanon

فوضى في قطاع النقل.. أين الباصات الفرنسية؟

كتبت جويل رياشي في “الأنباء” الكويتية:

يعاني قطاع النقل العام في لبنان من الشلل والفوضى، سببه شبه غياب للنقل العام الرسمي وخصوصا غياب الخطوط الخاصة بربط المناطق وتأمين مسار للباصات العمومية الرسمية التابعة للدولة اللبنانية.

اما الفوضى، فتعود الى القطاع الخاص الذي يدير شؤون النقل وفق محسوبيات مناطقية وحزبية، في وجود أكثر من جهة تسير باصات متوسطة الحجم وفانات صغيرة في المنطقة الواحدة، في مقابل غياب النقل المنتظم عن المدن الساحلية والريفية البعيدة من العاصمة بيروت.

في عناوين خطوط النقل الكبرى تأمين الربط العشوائي بين طرابلس وصيدا وصور وبعلبك وبيروت، وان كان خط طرابلس بيروت هو الأنشط كون قسم كبير من أهل طرابلس والشمال يقصد العاصمة يوميا للعمل او التحصيل العلمي، ولا يقيم فيها أسوة بأهالي الجنوب والبقاع.

وفي ضوء الارتفاع المستمر لأسعار النفط والانهيار في سعر صرف الليرة اللبنانية، واقفال محطات توزيع المحروقات اسبوعيا في انتظار صدور جدول أسعار جديد بالمشتقات النفطية عن وزارة الطاقة، يعاني المواطنون الأمرين من مالكي السيارات الخاصة وأولئك الذين يعتمدون على التنقل بوسائل النقل العام.

لا تعرفة موحدة لأسعار السرفيس (بالسيارات الخصوصية الصغيرة) داخل المنطقة الجغرافية الواحدة، وان كانت تراوح بين 70 ألفا و75 ألف ليرة في العاصمة بيروت، داخل الخط الواحد، أي لمسافة متوسطة.

في حين وصلت تعرفة النقل بالفان (الحافلة الصغيرة) الى 45 ألفا للخط الواحد أيضا. وبالنسبة الى التعرفة العائدة للنقل بالفان خارج العاصمة فقد وصلت الى 120 الف ليرة لبنانية بين صيدا وبيروت وطرابلس وبيروت.

وكانت شركات خاصة عدة أمنت تغطية خطوط نقل بين المدن الساحلية والعاصمة بيروت قبل الانتخابات النيابية في مايو 2022، من دون ان تعمر هذه التجارب طويلا بسبب انهيار العملة الوطنية وارتفاع أكلاف النقل من أسعار محروقات وقطع غيار لصيانة المركبات.

وقد جهد وزير الأشغال العام والنقل في حكومة تصريف الاعمال علي حمية لتأمين باصات نقل كبيرة من فرنسا قدمت هبة مجانية للدولة اللبنانية، الا ان المديرية العام للسكك الحديد والنقل المشترك واجهت صعوبات عدة في وضع الباصات في الخدمة الفعلية، بسبب إجراءات خاصة بتسجيلها في مصلحة السيارات والآليات وتأمين قطع غيار لبعضها.

وبعد اسابيع قليلة على وضعها في تصرف المواطنين، تبين انه لا ميزانية لصيانتها وتأمين الوقود لها وكذلك قطع الغيار والصيانة.

تجدر الاشارة الى ان حمية كان قد اكد ان استمرارية المشروع مرهونة بتأمين الاعتمادات اللازمة من قبل الدولة وخاصة وزارة المال، فوزارة الأشغال أمنت الباصات لكنها بحاجة إلى اعتمادات للصيانة والمازوت فضلا عن تأمين رواتب سائقي الباصات.

بين كل هذه المطبات، يتدبر العمال والطلاب شؤونهم بالتنقل بوسائل عدة حتى بلوغ وجهتهم النهائية، وهم يعانون من صعوبة ضبط المواعيد فيعتمدون قصد وجهتهم في فترة الصباح قبل ساعات مبكرة، ويغرقون في زحمة السير بين المناطق في طريق العودة.

وتشير ليلى التي تقصد العاصمة بيروت يوميا من طرابلس وكذلك فادي (العائد من إقامة استمرت 14 سنة في العاصمة القطرية الدوحة) «الى ان الانتقال يوميا من طرابلس الى بيروت، يبقى أوفر بكثير من الإقامة في العاصمة، وان كنا نعاني من الانهاك الجسدي».

في حين يخالف حسين العائد من الولايات المتحدة هذا الكلام، معتبرا ان الإقامة في غرفة فندقية في شارع الحمرا ببيروت «أوفر بكثير من الانتقال يوميا من الجنوب الى العاصمة».

في الجانب الآخر، يشكو أصحاب السيارات العمومية وشركات تأمين خدمات النقل من معاناة تهدد القطاع، ويقول رواد (صاحب شركة خاصة بتأمين النقل بالسيارات للأفراد) «ان المصاريف التشغيلية كفيلة بوقف شركتي عن العمل.

الا اني أحفز السائقين لدي في الاعتماد على الإكراميات من الزبائن، واعتمد تقديم أسعار مخفضة للزبائن الدائمين من أجل الاستمرار، وقد عدت الى العمل على إحدى السيارات متنازلا عن دور رئيس الشركة».

ويرى فايز، وهو سليل عائلة امتلكت باصات نقل خاصة في ساحل المتن الجنوبي بقضاء بعبدا، «ان الأيام الحالية تعطي الأفضلية للقطاع الرسمي على حساب القطاع الخاص، ذلك ان الدولة تستطيع ان تتحمل خسارة مالية تحت شعار دعم قطاع النقل، الامر غير الممكن بالنسبة الى الشركات الخاصة»، ويستدرك قائلا «لكننا أمام أزمة غير مسبوقة، أزمة لا قدرة لأحد على مواجهتها، ما يترك الناس يواجهون باللحم الحي، وبما هو متوافر في جيوبهم».