كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
بالتأكيد سمعتم كثيراً أنّ إشعاع الهاتف الخلوي يسبّب سرطان الدماغ، وبالتالي من السيّئ النوم بجانبه. وصحيحٌ أنّه ليس من الجيّد وضع هذا الجهاز الإلكتروني قرب سريركم، لكن يبدو أنّ ذلك يرجع لسببٍ آخر. فما رأي الخبراء بهذا الموضوع؟
تنبعث من الهاتف الخلوي إشعاعات، ومن المعلوم أنّ هذه الأخيرة لديها القدرة على زيادة خطر الإصابة بالسرطان. لكن لا يُعتقد أنّ الاشعاع الذي يخرج من الهاتف خطير.
إستناداً إلى «National Cancer Institute»، يمكن للاشعاع المؤين (Ionizing Radiation)، الذي يتمّ إرساله من الأشعة السينية والرادون، أن يسبّب تلف الحمض النووي الذي قد يعزّز خطر الإصابة بالسرطان. غير أنّ الاشعاع المُنبعث من الخلوي، المعروف بإشعاع التردّدات الراديوية، هو غير مؤين، وبالتالي لا يُلحق الضرر بالحمض النووي.
كذلك أشارت «NCI»، إلى أنّ الخلوي ليس المصدر الوحيد لإشعاعات الترددات الراديوية. إذ إنّها تنبعث أيضاً من موجات الراديو، والتلفزيون، والمايكرويف، والـ»Wi-Fi»، وأجهزة عديدة أخرى.
ووفق الخبراء، لا أحد يستطيع التأكيد على أنّ وضع الخلوي تحت الوسادة أثناء النوم لا يعزّز احتمال الإصابة بالسرطان، وتحديداً سرطان الرأس أو العنق. لكنهم في المقابل يملكون أدلّة قويّة على أنّ الأمر ليس كذلك.
وتعليقاً على الموضوع، قالت رئيسة قسم طب الأورام العصبية الطبيبة، ستيفاني ويس، من «Fox Chase Cancer Center» في فيلادلفيا، إنّه «تمّ إجراء تحليلات ضخمة للبحث عن أي دليل لوجود علاقة بين الهواتف الخلوية والسرطان، ولكن لم يتمكّن أي واحد من تقديم ادعاء قويّ. وبالتالي، لا يوجد أي سبب حتى الآن للاعتقاد أنّ الخلوي يسبّب السرطان».
واللافت أنّ «National Cancer Institute» ليس وحده الذي يتبنّى هذا الموقف. هناك لائحة طويلة بالمنظمات الكُبرى مثل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، التي راجعت الأدلة وخلُصت إلى أنّ استخدام الخلوي، بما فيه النوم بجانبه، يُعتبر آمناً.
في المقابل، وفي حين أنّ لا دلائل قويّة على صعيد العلاقة بين الخلوي والسرطان، غير أنّ نتائج أخرى أكّدت ارتباط استخدام الهاتف ليلاً بالنوم السيّئ. فمن المعلوم أنّ استعمال الخلوي قبل الخلود إلى السرير يُصعّب القدرة على النوم بسبب الضوء الأزرق المُنبعث منه، والذي يثبط هورمون الميلاتونين الذي يساعد في الاستسلام للنوم. غير أنّ وضع الخلوي على الفراش أو تحت الوسادة ليلاً يستطيع التسبّب بمشكلات إضافية عند الغفوة.
وأفاد اختصاصي طب الأعصاب الدكتور، بيتر فوتينايكس، من كاليفورنيا أنّ «الرنين المُفاجئ أو أي صوت آخر صادر من الخلوي يكون كافياً لإيقاظكم من النوم وعرقلته وبالتالي التقليل من جودته». وبحسب دراسة نُشرت عام 2018 في «PLOS One»، قد ينتهي بكم الأمر إلى النوم نحو 48 دقيقة أقل في المتوسط مقارنةً إذا تمّ وضع الخلوي خارج الغرفة.
وفي حين يُنصح بإبعاد الخلوي 3 أقدام على الأقل أثناء النوم، إلّا أنّ لا دليل علمياً يدعم هذا الرقم. ووفق الخبراء، قد يكون من الأفضل والأمثل إبقاء هذا الجهاز الالكتروني خارج غرفة النوم كلّياً تفادياً للاستيقاظ عند سماع أي رنين من جهة، ولعدم تصفُّح أخبار مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي تخطّي موعد النوم المُعتاد من ناحية أخرى.