تقرير ماريلين عتيّق:
في عالم السرعة والتطور، ظهر أخيرًا برنامج ChatGPT، وهو نموذج لغوي للذكاء الاصطناعي من تطوير شركة “OpenAI” الأميركية المملوكة من الملياردير الأميركي إيلون ماسك وعدد من الشركاء. وهذا النموذج القادر على التفاعل مع المستخدمين من خلال المحادثات أي بطريقة أكثر شبهًا بالبشر، أحدث جدلًا واسعًا نظرًا لقدراته الخارقة في الرد على الاستفسارات بشكل سريع، وحل المشاكل البرمجية، وكتابة سيناريوهات وأغاني، وحل المعادلات الرياضية، وإعطاء نصائح حول العلاقات العاطفية، وغيرها من الأمور التي لا يمكن الحصول عليها على محرك البحث Google.
فهل سيشكل الـChatGPT خطرًا على الإنسان ومحركات البحث في آن واحد؟
في هذا الإطار، أوضح الخبير في التحول الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم، في حديث لموقع IMLebanon، أن “الذكاء الاصطناعي بشكل عام يعتمد على المعلومات التي تُخزّن بداخله، إذًا النقطة الأساسية هنا هي ما نوع البيانات المخزنة في الـChatGPT، وهل هي صحيحة أم مغلوطة”.
ولفت إلى أن “البرنامج لا يعطي معلومات عن نشاطات غير قانونية أو خطيرة مثل الإرهاب، ولكن باستطاعة المستخدم التحايل عليه وطرح السؤال من الجانب القانوني، وبذلك يحصل على الإجابة المنتظرة”، معتبرًا أن “الـChatGPT يبقى وسيلة للوصول إلى المعلومات ولدى الإنسان خيار استخدامه بطريقة مفيدة أم مؤذية”.
وأضاف: “لا شك إذًا أن الذكاء الاصطناعي قد يشكل خطرًا على الإنسان، وذلك بناء على المواضيع التي يحتوي عليها، فإذا كانت البيانات المخزنة تطرح مواضيع إرهابية أو متطرفة وإلى ما هنالك، فستكون النتائج خطيرة”.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أن ماسك يملك أيضًا شركة “Neuralink” التي تطور شرائح حاسوبية متصلة بخيوط مرنة دقيقة مثبتة في الدماغ بواسطة روبوت يشبه آلة الخياطة، وذلك لأهداف طبية، إذ إن رقاقة الدماغ هذه قد تساعد مثلًا المكفوفين على الرؤية أو الذين يعانون من إصابات في النخاع الشوكي على استعادة الحركة.
وعند سؤاله عما إذا كان الهدف الأساسي التي تطمح إليه شركة OpenAI، هو الاندماج مع شركةNeuralink لتطوير شرائح تتضمن المعلومات الموجودة في الـChatGPT لزرعها داخل العقل البشري، أشار أبي نجم، إلى أن “دماغ الإنسان لا يستطيع حاليًّا تحمل كمية المعلومات الكبيرة التي تخزن داخل الذكاء الاصطناعي”.
لكنه لم يستبعد في الوقت نفسه الموضوع، خصوصًا في ظل التطور المخيف الذي تشهده التكنولوجيا، كاشفًا عن غرسة دماغية طوّرها العلماء، تسمح للأشخاص باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بعقلهم من دون الحاجة للنقر على الأزرار، وقد خصصت للمصابين بالبكم أو الشلل الذين لا يستطيعون استخدام أطرافهم.
كما أفاد الخبير في التحول الرقمي وأمن المعلومات، بأن “الـChatGPT يهدد مستقبل الموظفين لأنه يمكن أن يكون بديلًا للـCopy writers، Developers، محامين، أساتذة، وغيرهم”، متابعًا: “لكنه قد يزوّد المستخدم بمعلومات خاطئة أم ناقصة لأنه يملك بيانات حتى العام 2021 فقط، كما أنه لا يذكر مصدر أجوبته، وإذا طُرح السؤال بطريقتين قد يقدم جوابين مختلفين”.
ولم يقتصر خطر الـChatGPT على الشركات فقط، بل اقتحم عالم التعليم أيضًا، فبات التلاميذ يستخدمونه بكثرة لحل فروضهم أو مسائل معقدة. إلى ذلك، أكد أبي نجم، أنه “لا يوجد حتى الآن طريقة للسيطرة على استخدامه، فقد يلجأ الطلاب في المدارس والجامعات إلى مواقع الـanti-plagiarism لتعديل المضمون”.
من جهة ثانية، شدد على أن “Google مهدد فهو بالنهاية مجرد محرك بحث لا يعطي معلومات إنما يحوّل المستخدم إلى مواقع للوصول إلى الأجوبة، أما الـChatGPT فيزوّد الباحث مباشرة بالمعلومات”، معلنًا أن “شركة Microsoft تعمل على دمج الـChatGPT بمحرك البحث المنافس لـBing ،Google، الأمر الذي سيجعل برنامج شركة OpenAI أقوى بكثير”.
وقد سمحت Microsoft لموظفيها باستخدام الـChatGPT في العمل، لكنها طلبت منهم عدم إرسال بيانات حساسة إلى أي من برامج OpenAI، لأنها قد تستخدمها لتدريب النماذج المستقبلية.
وفي السياق، قال أبي نجم إن “القيمين على الشركة، يعملون على تطوير النسخة الرابعة من ChatGPT، لتحديث المعلومات وإصلاح الإشكاليات التي واجهت مستخدمي النسخة الحالية بهدف تفادي الأجوبة الخاطئة”.
لا شك أن التكنولوجيا ساهمت في تقدم العديد من القطاعات، ولا بد من مجاراة تطورها في عصرنا هذا كي لا نقبع في مستنقع الجهل. لكنها سيف ذو حدين، وقد تنقلب يومًا ما على مخترعها الإنسان، فتغزو عقله وتنقله رسميًّا إلى العالم الافتراضي.
للـChatGPT إيجابيات إذا تم استخدامه بطريقة سليمة، ولكن سلبياته الكثيرة تجعلنا نطرح سؤالين مهمين: ماذا تخبئ لنا التكنولوجيا بعد؟ وهل تسيطر الآلات على عالمنا في المستقبل؟