كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:
يسود أجواء قصر العدل ترقّب حذر بل تخوّف لما قد يَستتبع قرارات محتملة لقاضي التحقيق في ملف انفجار المرفأ طارق البيطار، إذ من المفترض ان يستمع اليوم الى الوزيرين السابقين نهاد المشنوق وغازي زعيتر في حال اكتمال تبليغهما، في وقت تؤكد المعلومات قرارهما بعدم الحضور.
وسط هذا الغموض القضائي علمت «الجمهورية» انّ وزير العدل هنري خوري وجّه كتاباً في اليومين الماضيين الى المجلس الاعلى للقضاء دَعاه فيه الى الانعقاد بوجه السرعة للبحث في بند وحيد هو ملف انفجار بيروت وما يستدعي من معالجات، منعاً لتفاقم الوضع القضائي الراهن.
وتشير المعلومات الى انّ وزير العدل كان قد اجتمع الاسبوع الفائت مع رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، كلّ على حدة، محاولاً التوفيق بينهما، في وقت توضِح مصادر وزارة العدل انّ الغاية من تلك الاجتماعات هي ضبط المسار العام للعدلية والمسار القضائي وليس نقل المسؤولية عن القرار القضائي الى وزارة العدل.
في الموازاة، روّجت معلومات في الاسبوع الماضي تحدثت عن نية وزير العدل عدم إرسال «كتاب» اليوم الى قصر العدل وتحديداً الى مكتب القاضي البيطار لمنعه من تصدير مذكرات توقيف. الا انّ مصادر وزارة العدل نفت هذه المعلومات، موضحة انّ قانون أصول المحاكمات الجزائية يُجيز للقاضي البيطار الاستعانة بأي عنصر أمني في مكتبه لكتابة المحاضر، مضيفة ان وزارة العدل لا نية ولا سلطة لها للتدخّل في الاحكام القضائية.
الّا انّ التسريبات الاعلامية استمرت مُروّجة انّ هذا الاجراء، في حال لم يعمد اليه وزير العدل، سيعمد إليه المدعي العام التمييزي، اي انّ عويدات سيعمل على كَف يد الكاتب او الكاتبة في مكتب البيطار وإيقافها عن العمل، والتي من المفترض ان يستعين بها البيطار اليوم في حال حضوره الى قصر العدل.
من جهة اخرى، روّجت معلومات عن احتمال ان يكون البيطار قد عمد في الاسبوع الفائت، بعدما توجّه الى مكتبه في قصر العدل، الى التحضير مُسبقاً لمذكرات التوقيف وكتابة المحاضر وتوقيعها وختمها. كما يمكن ان يكون قد سَطّر مسبقاً مذكرات التوقيف، وذلك تحسّباً منه لأي إجراء مُحتمل قد يلجأ إليه عويدات بعد تأكده من أنه سيُصدر فعلاً مذكرات التوقيف الغيابية في حق مَن ادّعى عليهم ولم يحضروا، وذلك قبل الاستماع اليهم وقبل حلول اليوم.
في وقت حذّرت مصادر قضائية من انّ اعتماد البيطار هذا الاجراء سيُعتبر باطلاً لأنه يعتبر مزوّراً في مواعيد تسطير المذكرات، إذ لا يحق للمحقق العدلي إصدار مذكرات توقيف مُسبقة قبل الاستماع الى المدعى عليهم او قبل التاريخ المحدد للاستماع الى المدعى عليهم، سواء حضروا أو تغيّبوا.
كذلك تخوّفت تلك المصادر من ان يدفع هذا الاجراء عويدات الى تسطير مذكرة توقيف وإحضار بحق البيطار، وليس فقط بتهمة اغتصاب السلطة بل بتهمة التزوير لأنّ مذكرات التوقيف الموقّعة بتواريخ سابقة تُعتبر باطلة.
هذا في الشكل، امّا في المضمون فتلفت المصادر القضائية الى انّ البيطار يستطيع الاستعانة بمرافقه الامني او اي عنصر أمني برفقته لكتابة المحضر بعد حلفه اليمين، لافتة الى انّ المحقّق العدلي الذي يتبع للنيابة العامّة التمييزية، والذي أصدر عويدات قراراً بإيقافه عن العمل وطلبَ من قلم النيابة العامّة التمييزية وأمانة سرّ النائب العامّ لدى محكمة التمييز عدم تَسلّم أيّ تكليف أو تبليغ أو استنابة أو مراسلة منه، اي من البيطار، يحق لعويدات ايضاً وبحُكم صلاحيّاته إصدار قرار بكَفّ يد «كاتبة» القاضي البيطار، الّا انّ الأمر لن يعوق الأخير من تسطير مذكرات التوقيف وفقاً للمادة 97 من قانون اصول المحاكمات الجزائية، والتي تقول «انّ لقاضي التحقيق، عند عدم وجود كاتبه او احد كتبة دائرة التحقيق او النيابة العامة او المحاكم، أن يستعين بأحد رتباء قوى الامن الداخلي لتدوين إفادة الشاهد بعد ان يحلّفه اليمين بأن يقوم بعمله بصدق وأمانة، واذا لم يتيسّر له كاتب لتدوين المحضر يمكنه ان يقوم بهذه المهمة بنفسه. ولا يكون المحضر الذي يضعه في هذه الحالة الاخيرة باطلاً».
علماً انّ القاضية نازك الخطيب قد اعتمدت الفقرة الثانية من هذه المادة من اصول المحاكمات الجزائية عندما سَطّرت مذكرات التوقيف في ملف توقيفات «النافعة» في غياب الكاتب عندما كلّفت مرافقها، وهو عنصر أمني، اعتمدت حَلفه اليمين قبل كتابة المحضر عملاً بنص المادة 97.
وفي السياق، تترقّب المصادر القضائية المُستجدات اليوم لتبني على الاجراءات القضائية اللاحقة التي سيلجأ اليها او سيستمر بها البيطار (اذا لم يردعه اي إجراء قضائي) أي تسطير مذكرات التوقيف! مُتسائلة عمّا اذا كانت الآلية التي سيتّبعها البيطار في إصدار مذكرات التوقيف، والتي من المرجّح ان يتّبعها اليوم بحق الشخصيات السياسية أي الوزير المشنوق وزعيتر، سيعتمدها ايضاً في الاسبوع اللاحق في حق الشخصيات القضائية أي مدعي عام التمييز وغيره من القضاة، او انه ستكون هناك آلية اخرى او «مخرج» سيعتمده البيطار قبل تصدير تلك المذكرات ومن بينها المرور برئيس مجلس القضاء او استشارته أدبياً كَون المدّعى عليهم زملاء وقضاة… وفي هذه الحال تتساءل المصادر عما اذا كان رئيس مجلس القضاء «سيُسهّل» عبور تلك المذكرات او الاستدعاءات الى العلن أم انها ستبقى في مكتبه؟ عِلماً انّ القضاة المعنيين لم يتبلغوا حتى الساعة أي مذكرة من القاضي «الملك».