مرة جديدة يدور النقاش حول آليات عمل مجلس النواب ودستورية عقد جلسة تشريعية في ظل الفراغ الرئاسي، وهذا النقاش هو نسخة مكررة للذي أثير قبل سنوات عندما طرح رئيس البرلمان نبية بري الدعوة لجلسة تشريعية تحت مسمى «تشريع الضرورة»، ولاقت في حينها ردود أفعال بين مؤيد لها ورافض انطلاقا من أن الدستور لا يذكرها بشكل محدد.
وينطلق الجدل من اعتبار المجلس النيابي أنه خارج أي عقد أو دورات، أي أنه هيئة ناخبة ولا يمكن له التشريع، وهذا ما يستند إليه النواب الـ 46 الذين وقعوا على بيان أكدوا فيه أنهم لن يعترفوا بأي من قوانين الجلسة وسيمارسون تجاهها أي حق يمنحه إياهم الدستور للطعن بها. وأن التشريع في غياب الرئيس يفقد حلقة أساسية في آلية التشريع وينسف مبدأ فصل السلطات والتعاون بينها المكرس في الدستور. فيما يرى البعض الآخر من النواب المؤيدين لها أن هناك ضرورة لبت بعض مشاريع القوانين والاقتراحات التي تهم مصلحة المواطنين، وأن المجلس في ظل الأوضاع المتأزمة اقتصاديا واجتماعيا يحق له التشريع من أجل كل القوانين.
ويلفت بعض الخبراء الدستوريين أنه صحيح ليس هناك من تعريف واضح في الدستور يتصل بما يسمى تشريع الضرورة، إنما أدرج الأمر تحت هذه الخانة بهدف إمرار بعض البنود الملحة والطارئة والتي تتعلق بالمصلحة العامة، كما حصل في العام 2015، إبان الفراغ الرئاسي والتعطيل الذي شهدته المؤسسات. وفي السياق، يرى رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية د ..بول مرقص لـ «الأنباء» أن التشريع راهنا يتعارض مع أحكام الدستور في ظل الفراغ الرئاسي. ووفقا للمادة 75 من الدستور التي يجب أن تقرأ في ضوء مجمل أحكامه، ولا تقرأ بذاتها فقط، فلا يجوز لمجلس النواب الملتئم لانتخاب رئيس الجمهورية التشريع، بل عليه المواظبة حالا على الانتخاب في دورات متتالية.
وبحسب د.مرقص، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري ربما لديه تفسير مختلف، وهو كناية عن قراءة نصية لهذه المادة بعينها، وقد يعتبر أن المجلس ليس ملتئما لانتخاب الرئيس راهنا، وبالتالي يستعيد صلاحياته الأساسية من تشريع ورقابة وسواهما، عملا بقاعدة أن القيود على سلطة المجلس تفسر حصرا، ويستطيع بالتالي التشريع حسب هذا التفسير.
ويوضح د.مرقص أن الجلسة المرتقبة لا تحتاج الى نصاب الثلثين الذي تحتاجه جلسة انتخاب الرئيس، ويكتفى بجلسة التشريع بتوافر حضور 65 نائبا.