Site icon IMLebanon

الرابط بين اغتيال رفيق الحريري واغتيال لبنان من بعده

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

لا يمكن فصل حالة الفوضى السياسية وكارثة الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي التي وصل اليها لبنان، عن جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مثل هذا التاريخ من العام ٢٠٠٥.

ومنذ ذلك التاريخ المشؤوم، استمر مسلسل الجرائم التي ارتكبها عناصر معروفة الانتماء باغتيال رموز سياسية وفكرية وطنية بارزة، بعد ذلك بدأت الممارسات الترهيبية بالسلاح لمصادرة قرار الدولة اللبنانية والهيمنة على الواقع السياسي بالقوة، إن كان من خلال إسقاط الحكومات او تعطيل عملها، او باستدراج الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، كما حصل في تموز عام ٢٠٠٦، او استباحة القوانين والدستور، ومشاركة حزب الله بالحرب ضد الشعب السوري المطالب بأدنى حقوقه وحريته، تحت شعارات وحجج مزيفة وكاذبة، وكان الهدف الحفاظ على النظام القاتل لشعبه، وترسيخ سيطرة ايران لسوريا.

توالت محطات هيمنة حزب الله على مفاصل الدولة اللبنانية منذ ذلك الحين، وتم استبدال الهيمنة السورية، بعد انسحاب القوات السورية، بهيمنة الحزب، على المؤسسات والادارات العامة، مباشرة، او بواسطة ما يسمى بالحلفاء والماجورين بالمال او بالترهيب بالسلاح والاغتيال.

وهكذا، باتت الحياة السياسية رهينة حزب الله، إن كان بتأليف الحكومات، أو بتعطيل عملها واسقاطها، إذا لم تحقق مصلحته وسيطرته على الدولة، او بعرقلة انتخابات رئاسة الجمهورية، لفرض مرشح ايران للرئاسة، كما حصل مع انتخاب العماد ميشال عون للرئاسة بالانتخابات الرئاسية الماضية، وتعطيل الانتخابات الرئاسية الحالية، من خلال رفض اي مرشح، لا يوالي الحزب وايران.

لم تقتصر ممارسات وارتكابات الحزب على الواقع السياسي والسلطوي، بل كان الاستهداف المنظم لمرتكزات الاقتصاد الوطني، بنصب الخيم وسط بيروت واستباحة العاصمة بالسلاح المقاوم لإسرائيل، بتعطيل برامج الاصلاح ومكافحة الفساد، وتغطية مكشوفة لحليف الحزب النائب جبران باسيل لنهب المال العام في الطاقة والكهرباء تحديدا، واستباحة المرافىء الشرعية للتهريب المنظم، واستغلال المعابر غير الشرعية على الحدود لكل انواع التهريب، ناهيك عن عمليات تبييض الاموال وتهريب المخدرات.

استتبع الحزب مخططه التخريبي، بحملة استعداء منظم ضد الدول العربية الشقيقة، والدول الصديقة للبنان، وتعطيل كل مقومات الاستثمار العربي والاجنبي ومكونات الاقتصاد الوطني،  باستنزاف موارد الدولة، وتراجع مداخيلها، ولجوئها للاستدانة لتمويل مصاريفها في مختلف المجالات، ما ادى إلى بداية إضعاف الدورة الاقتصادية وخلخلة مرتكزات الاقتصاد الوطني، واستنزاف المالية العامة للدولة، كانت آخر استهدافات الحزب للوضع المالي والاقتصادي بعد قمعه لانتفاضة المواطنين الناقمين على الطاقم السياسي، إطباقه الكامل على السلطة بتأليف حكومة حسان دياب الموالية له بالكامل، والتي باشرت مهماتها بالامتناع عن تسديد سندات اليورو بوند، ما ادى الى تقلص صدقية الدولة مع المجتمع الدولي، واستتبعت بعد ذلك باقرار سياسة الدعم على السلع والمحروقات وصرف مليارات الدولارات من الاحتياطي النقدي، ذهب معظمها للتهريب المنظم الى سوريا.

هذا هو الرابط بين اغتيال الحريري، ثم الاغتيال التدريجي للبنان، بالسياسة، بالسلطة المطواعة للحزب، بتطويق وشل القضاء، تدمير قطاع الكهرباء بكل لبنان واغراق لبنان بالعتمة الظلامية، بالاقتصاد، بالنظام المالي، الى الوضع الكارثي الحالي، والسعي لالحاق لبنان بمنظومة الدول الدائرة بالفلك الايراني، من سوريا الى العراق واليمن، سياسيا واقتصاديا، بكل مواصفات الخراب، وضرب مرتكزات التعليم والثقافة وتعميم الفقر والفوضى الامنية، والتخلف عن التنمية الاقتصادية والنهوض والحداثة العالمية.

لن تبرئ خطابات قادة حزب الله، القتلة من مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحق الرئيس الشهيد رفيق الحريري وباقي الشخصيات الوطنية، مهما تقادم الزمن عليها، او استمر باخفائهم  في اقبية الظلمة خشية من قصاص الدنيا، لان قصاص رب العالمين اقوى واشد، ولن تعفيه محاولات إلقاء تهم الكارثة الاقتصادية والمالية في لبنان، على الحصار الاميركي الوهمي، من التهرب من مسؤوليته المتواصلة، بتخريب لبنان، خدمة للمشروع الايراني التفتيتي للمنطقة العربية، مهما علا صراخ قادة الحزب، لان بصماتهم بالخراب والاغتيال بادية لمعظم اللبنانيين والعالم.