كتب المحامي طوني شديد:
يحدث فقط في لبنان بأنّه يجوز للحكومة مخالفة الدستور، ومصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية، وتجاوز مهمّة تصريف الأعمال، واستغلال شغور الرئاسة الأولى للقبض على مفاصل السلطة، ويحدث فقط في لبنان على مقلب آخر بأنّه يجوز لمجلس النوّاب مخالفة الدستور بالتشريع في ظلّ شغور موقع الرئاسة الأولى، لتمرير صفقة تمديد لمدراء عامّين موزّعين على أمراء الطوائف، بعض السياسيين يعارض الأولى ويؤيّد الثانية، وبعضهم الآخر يعارض الثانية ويؤيّد الأولى، وبعضهم الزئبقي يؤيّد الإثنتين، وبعضهم المبدئي العاجز يعارض الإثنتين، وبعضهم الرمادي المتملّق لا يؤيّد ولا يعارض، في الطبقة السياسيّة اللبنانية تجد كلّ شيء، الغوغائية الديماغوجيّة مع الإزدواجية مع المبدئية العاجزة الصارخة في البرّية، مع الإضطرابيّة الثنائية القطب bipolar disorder مع النرجسيّة narcissism المتوارثة من زمن الديكتاتوريّات أوالإقطاعيّات أو المتوالدة في زمن التغييريّات والثورات، ناهيك عن قضاء صار يضجّ بالمبارزات، وقد تحوّل فيه المدّعي العام إلى قاضي تحقيق، وقاضي التحقيق إلى قاضي حكم وقاضي الحكم إلى معتكف كي لا يُقال عنه مستنكف، ويبقى غداً لناظري المجلس الدستوري قريب، ولا مبالغة إذا قلنا بأنّه قد تجتمع كلّ الصفات المذكورة أعلاه بشخصيّة سياسيّة لبنانية واحدة، ولا مبالغة أيضاً إذا قلنا بأنّ كل الصفات المذكورة أعلاه قد تخفى عن أكثرية لبنانية متحزّبة أو متمذهبة وقد أعماها التطرّف أو الحاجة أو الغباء…
في النهاية لا مبالغة إذا قلنا في ظلال هذه الإنهيارات الأخلاقية والمؤسّساتية والمجتمعية كما كانت تقول “مدام كلود” الفرنسية التي كانت تدير بيت دعارة هزّ المجتمع السياسي الفرنسي بفضائحه، “إنّه بيت الدعارة C’est le bordel”.