كتب جان الفغالي في “أخبار اليوم”:
وصل الفلتان في الموضوع الغذائي إلى حدٍ لم يعد معه مسموحًا إبقاؤه على غاربه، متفلتًا من كل ضوابط قانونية ومن كل اعتماد على “ضمائر” القيمين عليه. الأجهزة الرقابية لا تتحرَّك، وزارة الإقتصاد بكل مديرياتها تعتمد أسلوب البكاء والتباكي والشكوى، آخذة دور المواطن الذي لا يجد سندًا له.
هناك وحوش في السوبرماركت، وحيتان تبتلع ما في جيوب المواطنين بشكلٍ جَشِع غير مسبوق. السلعٌ ارتفعت أسعارها مئة في المئة على رغم أن سعر الدولار لم يتحرك منذ أكثر من عشرة أيام. لا رادع ولا وازع، وما يلفت الأنظار أن المنافسة غائبة بين السوبرماركت، وكأن هناك كلمة سر بين أصحابها، برعاية نقابتهم، بإلغاء هامش المنافسة، وكأنهم أصبحوا سوبرماركت واحدًا بتسميات مختلفة.
حيال هذا الواقع، ولئلا يتمادى أصحاب السوبرماركت في مخالفاتهم، هل من وسيلةٍ لأرغامهم على الانضباط وتطبيق القوانين.
هناك مجلس الأعلى للدفاع، الذي من مهامه “تعبئة النشاط الاقتصادي بفروعه الزراعية والصناعية والمالية والتجارية”، فلماذا لا يحرِّكه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي هو، وفق قانون المجلس نائب الرئيس “ويسهر على تنفيذ مقرراته”؟
كما أن الدعوة لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع متاحة، وبموجب القانون أيضًا والذي يرد فيه: “يدعى المجلس الاعلى للدفاع للاجتماع من قبل رئيسه او بناء على طلب من ثلث اعضائه على الاقل.”
كما أن بإمكانه اتخاذ قرارات وتنفيذها ، حيث يرِد من ضمن مهامه “يوزع المجلس الاعلى للدفاع المهام الدفاعية على الوزارات والاجهزة المعنية ويعطي التوجيهات والتعليمات اللازمة بشأنها ويتابع تنفيذها ويقر خطة العديد والتجهيز الموضوعة لهذه المهام.”
أي عذرٍ لعدم اجتماع المجلس الأعلى للدفاع لبحث تداعيات الأمن الغذائي في ظل هذا الفلتان؟
من واجبات المجلس الأعلى للدفاع استدعاء المتسببين بهذا الفلتان، وهم نقابة مستوردي المواد الغذائية ونقابة أصحاب السوبرماركت، ويجب مواجهتهم بما قاله وزير الإقتصاد أمين سلام، بالصوت والصورة، من أنهم “صرلن سنتين بيسرقوا المواطن، واستفادوا من أموال الدعم”. في الجلسة المرتقبة التي يؤمَل ان تتم الدعوة إليها، يفترض بوزير الاقتصاد أن يُقرِن اتهاماته بالإثباتات والمستندات والوثائق لئلا يبقى المتهمين فوق القوانين يسرحون ويمرحون في جيوب المواطنين!
إن الرأي العام سيواكِب خطوات السلطة التنفيذية سواء أكانت حكومة أو مجلس أعلى للدفاع، وما لم يتم اتخاذ أي خطوة، يخشى أن نكون أمام مشهد ما شهده القطاع المصرفي، فهل تعتمد السلطة التنفيذية، لمرة واحدة، الإجراءات الاستباقية؟