كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
ترصد مصادر متابعة استهدافا منظماً، لأربع ركائز اساسية للبنان، بالتزامن مع بعضها البعض، اولها ضرب التعليم الرسمي من قبل جهات حزبية معروفة، لها ارتباطات خارجية، تولت القيام بتحركات من خلال بعض النقابات المشبوهة والمرتبطة بها حزبيا، على اعلى المستويات، تولت تحريض الجسم التعليمي الرسمي ضد المسؤولين الرسميين، تحت شعارات المطالبة بتحسين مداخيل القطاع، التي تدنت قيمة رواتبه الى مستويات قياسية، بفعل انهيار العملة المحلية. وكانت النتيجة، شل القطاع التعليمي الرسمي بالكامل، لاكثر من شهرين متتالين، ما ادى إلى حرمان شريحة واسعة من الطلاب من ذوي الدخل المتوسط والمحدود من تلقي العلم، مع امكانية ضياع عام كامل من التعليم عليهم، وما قد يترتب على ذلك من مضاعفات سلبية، على مستقبل هؤلاء الطلاب، وعلى مصير التعليم الرسمي ككل.
ورصدت المصادر حملات مكشوفة لجذب، اعداد من هؤلاء الطلاب، للانضمام واكمال تعليمهم في مدارس ومعاهد حزبية، مع وعود لاغرائهم بحوافز مادية وتقديمات صحية.
وتكون النتيجة تفريغ المدرسة الرسمية من روادها، وضرب قطاع التعليم الرسمي، الذي وفَّر التعليم لشرائح واسعة من اللبنانيين، ومكّن معظمهم شغل اهم المراكز والوظائف بكافة قطاعات الدولة اللبنانية ومؤسساتها، وكان لهم الدور الأساس في قيام هذه المؤسسات والنهوض بالدولة، وبينهم من تولى مراكز ومسؤوليات بارزة، بالشركات والمصانع، داخل لبنان والخارج.
اما الركيزة الثانية المهمة، التي يجري العمل على تدميرها بشكل ممنهج، منذ بداية الازمة، فهو القطاع المصرفي، والتي تقف وراءه نفس الجهات الحزبية المعروفة، وتتغطى بأحد الاحزاب الدميه، الذي يرفع شعارات ويافطات، تتناول النيل من القطاع بالكامل وتهشيم صورته ويتولى عناصره منذ بداية الاحداث، تخريب واستهداف المصارف في بيروت تحديدا، ويشن ابشع الحملات التحريضية ضدها، بينما كان يتم تحييد باقي فروع المصارف ذاتها في الضواحي، حيث النفوذ الفاعل لهذه الجهات والمناطق الاخرى.
وتخلل الاستهداف الحزبي المنظم للقطاع المصرفي، فترات تهدئة ظرفية، عندما كانت مصالح الجهات المذكورة مؤمنة، لاستنزاف مزيد من الاحتياطي النقدي الاجنبي، التي كانت تصرف بموافقة رئاسية وحكومية وبضغط مكشوف من الجهات نفسها، في ظل سياسة ما عرف يومذاك، بسياسة الدعم الحكومي للسلع الضرورية والمحروقات للتخفيف عن كاهل المواطنين ظاهريا، بينما كان الجزء الاكبر يصرف منها على عمليات التهريب المنظم الى سوريا، وعلى جيوب المنتفعين من هذه الجهات. وعندما توقفت سياسة صرف الاموال العامة على الدعم بعد انخفاض الاحتياطي النقدي الاجنبي لدى مصرف لبنان، عادت الحملات نفسها تتصاعد ضد المصرف المركزي والقطاع المصرفي عموما، بالتزامن مع تعطيل كل محاولات اقرار القوانين الاصلاحية المطلوبة في القطاع المصرفي، ولا سيما ما يتعلق منها بتنظيم عملية سحب وتحويل النقد الاجنبي، وتحديد مصير ودائع اللبنانيين بهذه المصارف.
ويلاحظ انه كلما ازدادت حدة الحملات على المصارف وتهشيم صورتها، داخليا وخارجيا، بالملاحقات التي تتولى جهات سياسة معروفة تحريكها، كانت تنكبُّ الجهات الحزبية المعروفة على توسعة فروع المصارف غير الشرعية، تحت مسميات القرض الحسن، ما يكشف النوايا المبيتة وراء شيطنة النظام المصرفي اللبناني وضرب مرتكزاته، في ظل صمت رئاسي وحكومي مريب تجاه ما يحصل.
الركيزة الثالثة المهمة، القضاء اللبناني، بمحاولة السلطة تطويعه واستخدامه سلاحا بيدها ضد معارضيها وخصومها السياسيين، في ضوء الانقسام والشلل الذي يعانيه حاليا، جراء الخلاف الحاصل حول تحقيقات انفجار مرفأ بيروت وابعاده الخطيرة على مستقبل العمل القضائي ككل وعلى سمعة لبنان بهذا الخصوص.
ومن المعلوم، ان اولى خطوات عهد الرئيس ميشال عون المشؤوم، لتحقيق هدف تطويع القضاء، رفضه التوقيع على مرسوم التشكيلات القضائية وتجميده في ادراج الرئاسة حت انتهاء الولاية، ما أدى إلى شلل في العديد من الدوائر القضائية بسبب الشغور والفراغ، بينما تولت قاضية العهد العوني المعروفة غادة عون، استغلال موقعها للاستهداف المنظم ضد خصوم العهد العوني في المواقع المهمة، في مؤسسات الدولة وقطاع المصارف تحديدا تحت شعارات وحجج مزيفة، بالمقابل لم تحرك ساكنا ضد مختلسي الاموال بمليارات الدولارات من الكهرباء وغيرها، لانهم ينتسبون للتيار العوني، في ظل صمت تام لمجلس القضاء الاعلى، وعجز عن القيام بمهمة اعادة تصويب العمل القضائي .
اما الركيزة الرابعة المهمة، التي يتم استهدافها حاليا، فهي الجيش اللبناني، على خلفية الانتخابات الرئاسية، من خلال الحملات السياسية الجارية علانية، من قبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، لتشويه سمعة قائد الجيش العماد جوزيف عون، بعد ان برز اسمه كمرشح رئاسي مقبول داخليا وخارجيا، مقابل فشل كل محاولات باسيل للترشح شخصيا، او لانتقاء مرشح رئاسي، يهيمن من خلاله على سياسات العهد المقبل.
لم تقتصر حملات باسيل المباشرة على قائد الجيش، بل استبقها بتحريض وزير الدفاع المحسوب عليه، لتكبيل وشل العديد من امور ومعاملات وقرارات القيادة، تحت عناوين صلاحيات الوزير، بالرغم من محاولات نفي الاخير لهذا الامر، مع ما يمكن ان يترتب على مثل هذه الممارسات من انعكاسات سلبية على مهمات الجيش بالحفاظ على الامن والاستقرار ووحدة لبنان في هذه الظروف الاستثنائية الصعبة التي يواجهها اللبنانيون حاليا.
بالنظر الى الركائز الاربعة المهمة، والتزامن باستهدافها من كل الجوانب، مع استمرار تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية والشلل بالحياة السياسية والاقتصادية، تزداد المخاوف من الاخطار المحدقة بلبنان والخشية على النظام والدولة ككل، وتوجب على اللبنانيين، والسياسيين خصوصا، التخلي عن انانياتهم والتنبه لهذه المخاطر ومواجهتها، كل من موقعه قبل فوات الاوان.