جاء في “اللواء”:
سباق مالي، يشبه سرعة الرياح في المواسم العاصفة، انهيار في العملة الوطنية يعادل في اقل من سنة 500٪، ارتفاع في المحروقات نسبة الضعفين او الثلاثة، وآخر المبتكرات العجائبية، في سُلَّم السباق، قرار مفاجئ برفع الدولار الجمركي من 15 الف ليرة لبنانية الى 45000 ل.ل.، بالتزامن مع اعلان وزير الاقتصاد البدء من اليوم بالتسعيرة في السوبرماركت بالدولار، اما القبض فوارد بالليرة اللبنانية التي منيت بضربة صاعقة خلال الـ48 ساعة الماضية، لتصل الى قاب قوسين او ادنى من المائة الف ليرة لبنانية، وقِس على ذلك اسعار المحروقات واختفاء الادوية، واستحالة المؤسسات الضامنة الوفاء بأية التزامات تجاه المضمونين سواء في تعاونية موظفي الدولة او صناديق التعاضد، ومن بينها صندوق تعاضد اساتذة الجامعة اللبنانية، لا سيما المتقاعدين منهم.
بدا الانتحار مرعباً بين سباق الاسعار التي تمتحن زيادة اضافية اليوم وارتفاع سعر صرف الدولار، فضلاً عن ارتفاع سعر صرف الدولار الجمركي الى 45 الف ليرة، الامر الذي يأخذ البلاد باتجاه انفجار وشيك وربما يكون محتماً..
وفي السياسة، وعلى مرأى من حركة زيارات السفيرة الاميركية دورثي شيا، التي حطت في عين التينة والسراي الكبير، بعد بكركي، استمر الانقلاب الانحداري على التسويات، فوصلت «موس الانقسام» او التعطيل على حدّ نائب بارز في 8 آذار، الى المجلس النيابي، حيث انسحب اعضاء تكتل لبنان القوي من جلسة اللجان المشتركة، ايذاناً بتسجيل نقطة في مرمى حكومة تصريف الاعمال ورئاسة المجلس النيابي وللإيحاء بأن التوصل الى اتفاق حول اسم المرشح للرئاسة الاولى مسألة ليست سهلة، بل صعبة، على حدّ تعبير نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب..
كل ذلك، على مرأى سجال متجدّد بين الرئيس نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر.. على خلفية عمل حكومة تصريف الاعمال.
ووصف مصدر نيابي الإنسحاب المتتابع للكتل النيابية المسيحية من اجتماع اللجان النيابية المشتركة، تحت عناوين رفض التشريع في ظل الفراغ الرئاسي تارة، واعتبار قرارات حكومة تصريف الأعمال بأنها غير دستورية تارة اخرى، بأنه يندرج في اطار التهرب لاخفاء الخلافات التي تعصف بين هذه الكتل، ومسؤوليتها المباشرة في عدم الاتفاق بينها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية واطالة امد الفراغ الرئاسي.
وقالت إنها ليست المرة الاولى التي تنعقد اللجان النيابية المشتركة في ظل الفراغ الرئاسي، وكان يشارك بهذه الاجتماعات، نواب منها، ولم ينسحب منهم احدا. بينما لوحظ بالامس، بأن هناك تنافسا شعبويا واستلحاقا مفتوحا بين الكتل المذكورة، لتسجيل المواقف وتلميع الصورة، ورمي كرة مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية في ملعب الخصوم، بينما فضحت مواقف باسيل بخصوص قرارات حكومة تصريف الأعمال، ووصفها بانها غير دستورية و«مزيفة»، بأن الانسحاب من الاجتماع، لم يكن بسبب الفراغ الرئاسي، بل سياسي محض، وللتعطيل فقط لا غير، انطلاقا من النهج الذي سار عليه باسيل منذ تسلمه مسؤولية تولي المناصب السياسية وحتى اليوم.
واعتبر المصدر انه بدلا من التباهي الاستعراضي للكتل المسيحية في تسديد الانتقادات لخصومهم السياسيين وتحميلهم مسؤولية الفراغ الرئاسي حاليا، كان الاجدى للكتل المذكورة، العمل عن قرب للبحث عن البدائل المطلوبة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت ممكن، واختيار الاتفاق في ما بينها بدلا من الاختلاف الحاصل على المكشوف، وبالتالي اصبح تعطيل جلسات مجلس النواب واجتماعات اللجان ومجلس الوزراء، هي التي تتحكم بسياسات هذه الكتل مجتمعة، كل كتلة حسب مصالحها واهدافها السياسية والمصلحية.فهي ترفض كل ما يطرح عليها، من الحوار، التوافق المسبق على اسم الرئيس، لتسهيل الانتخاب، انعقاد جلسات الحكومة للضرورة، والان تعطيل جلسات مجلس النواب للتشريع، لان التفاهم على تسمية الرئيس الجديد مسبقا يقطع الطريق على طموحات زعمائها او بعضهم للوصول إلى سدة الرئاسة الاولى.
إذاً، تجدد امس، الاشتباك السياسي الدستوري بين التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، على خلفية إصدار المراسيم عن مجلس الوزراء وتوقيعها، وذلك بعد انفراط عقد اللجان النيابية المشتركة التي كان يفترض ان تناقش مشروع مرسوم وارد من الحكومة، فيما الاوضاع المعيشية الى مزيد من الانحدار السريع والكارثي من دون ان تلقى اهتمام الجهات الرسمية النيابية والحكومية التي تنشغل بتسجيل النقاط على بعضها. بينما في ظل جمود الاستحقاق الرئاسي واصلت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا لقاءاتها مع المسؤولين والسياسيين، فزارت امس الرئيس نبيه بري والرئيس نجيب ميقاتي وعرضت معهما الاوضاع الراهنة والعلاقات الثنائية.