كتب عمر البردان في “اللواء”:
إذا كان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله لم يعلن صراحة ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، باعتبار أن الرجل لم يعلن ترشحه بعد، وإنما أكد دعم حزبه لوصول فرنجية إلى قصر بعبدا، إلا أن المؤشرات تؤكد أن الحزب و«حركة أمل» قد حسما خيارهما بدعم فرنجية في سباقه الرئاسي، بعد استبعاد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وكذلك الأمر قائد الجيش العماد جوزف عون. ما يجعل الأمور على صعيد الملف الرئاسي، تبدو أكثر تعقيداً، بعدما انكشفت على حقيقتها، ولم يعد سراً أن «الثنائي الشيعي» سيعمل جاهداً لتوفير ظروف نجاح مرشحه، وإن كان حجم العراقيل التي تواجهه كبيراً جداً.
وقد كان لافتاً، أن يأتي تحرك سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري على القيادات السياسية والروحية، بعد إعلان نصرالله دعم فرنجية لرئاسة الجمهورية. وهو تحرك ينتظر أن يشمل شريحة واسعة من هذه القيادات في الأيام المقبلة، ما يعني دخول السعودية بقوة على الخط الرئاسي، على غرار التحرك الذي قام به السفير البخاري قبل الانتخابات النيابية في أيار الماضي.واستناداً إلى الراشح من المعلومات، فإن السفير السعودي، وانطلاقاً من حرص بلاده على مصلحة لبنان وشعبه، فإن رسالته، وهي أنه وبقدر ما يهم المملكة العربية السعودية، أن يخرج لبنان من أزماته ويستعيد عافيته في محيطه العربي وعلى الصعيد الدولي، فإنه في الوقت نفسه، ينبغي ألا يكون رئيس الجمهورية الجديد محسوباً على محور ما يسمى بـ«الممانعة»، أي أن الرياض لا تؤيد وصول مرشح «حزب الله» إلى قصر بعبدا. لكنها في الوقت نفسه ستقبل نتيجة ما يتوافق عليه اللبنانيون، باعتبار أن الانتخابات الرئاسية، شأن سيادي لبناني، وتالياً فإنها لا تتدخل بلعبة الأسماء.
وخلافاً لكل ما قيل، فإن السفير البخاري، لم يتطرق في لقاءاته إلى اسماء محددة، بقدر ما أشار إلى تحديد مواصفات، وهو أمر لم يعد سراً الحديث عنها، باعتبار أنها باتت مطلباً للمجتمعين العربي والدولي، سيما وأن لبنان يحتاج فعلاً رئيساً غير منغمس بالفساد السياسي والمالي، ولديه من الصفات والمؤهلات، ما يمكنه من استعادة دور المؤسسات اللبنانية، حتى تتمكن من أداء دورها، وأن يكون قادراً على ردم الهوة بين لبنان وجيرانه، في الوقت الذي أبدى العرب وأصدقاء لبنان استعدادهم لمساعدته، من أجل أن يتمكن من تجاوز ظروفه الصعبة على مختلف الأصعدة، سيما الاقتصادية والمالية منها.
ومن الطبيعي استناداً إلى هذه المعلومات، أن يكون الموقف الخليجي داعماً لما تراه السعودية مناسباً من الملف اللبناني، أي أن دول مجلس التعاون، ستتبنى أي موقف تتخذه الرياض من الاستحقاق الرئاسي في لبنان، إيجاباً أو سلباً. لكن يبقى الموقف الخليجي برمته، مجمعاً على ضرورة أن يعود لبنان إلى الحضن العربي، وألا يبقى أداة في يد المشروع الإيراني، وأن يكون العهد الجديد على استعداد تام لإعادة جسور الثقة مع العالم العربي، لما فيه مصلحة لبنان وشعبه التواق للخروج من هذا المأزق الذي أرهق كاهل اللبنانيين، ووضعهم أمام استحقاقات على قدر كبير من الخطورة.
وإذ أبدت أوساط بارزة في المعارضة، خشيتها من تكرار سيناريو الـ 2016، أي أن الحزب سيصر على فرنجية، مثلما أصر على الرئيس ميشال عون، حتى وصل البلد إلى جهنم. وهو أمر بالغ الخطورة، سينجم عنه صراعات ومشكلات داخلية، لا يمكن لأحد التكهن بنتائجها، إلا أنها أشارت إلى أن المعارضة وأصدقاء لبنان لن يسمحوا للحزب بأن يحقق مشروعه، لأن لبنان لا يتحمل رئيساً من ذات المعسكر»، في وقت بدأ «حزب الله» وحلفاؤه بالسعي لتأمين نصاب 65 صوتاً لمرشحه فرنجية، في دورة الاقتراع الثانية، لانتخابه رئيساً للجمهورية، توازياً مع دعوتهم للحوار بشأن الملف الرئاسي. وهو أمر لا تأخذه قوى المعارضة على محمل الجد. فهي تستجمع قواها من أجل عدم تأمين النصاب في الدورة الأولى، في حال أصبح انتخاب فرنجية جدياً. وهو أمر لا زال بعيد المنال، باعتبار أن رئيس «المردة» لا زال بعيداً عن تأمين أكثرية النصف زائداً واحداً من مجموع أعضاء البرلمان. وقد أكدت أوساط نيابية معارضة، أن «الفريق الآخر أخذ قراره بانتخاب فرنجية، لكن ذلك بعيد المنال، لأن النصاب لن يتأمن، ولا يمكن إعادة انتخاب رئيس من نفس الفريق الذي أخذ البلد إلى جهنم»، مشددة على أن «هذا الوضع لن يستمر، ولا بد من انتخاب رئيس سيادي يعيد الاعتبار لمؤسسات الدولة، ويحفظ كرامة لبنان وشعبه».
وتؤكد مصادر المعارضة، أن الحزب يهدف من وراء دعوته للحوار، إلى إقناع الآخرين للسير بفرنجية، وإن طالت مدة الشغور الرئاسي. طالما أنه أخذ قراره بدعم رئيس «المردة». وإن حاول الإيحاء بأنه لم يتبنَّ ترشيحه بعد، في وقت كان رئيس مجلس النواب نبيه بري واضحاً في تبني ترشيح حليفه الزغرتاوي للرئاسة الأولى، مشددة على أن الصورة ما زالت قاتمة، ولا توقعات بأي انفراجة رئاسية في المدى المنظور.