IMLebanon

هل يخرج الرئيس من بطْنِ التنِّين الصيني؟

كتب جوزف الهاشم في “الجمهورية”:

من التطوّرات المفاجئة أنْ يتوصّل «كونفوشيوس» الصيني إلى تحقيق إتفاق التقارب بين الثنائي: السعودي – الإيراني.

ومن المقاربات الشيِّـقة أنْ يُعلن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مغـرِّداً: أنَّ حزبَـهُ لَـهُ فـرعٌ تاريخي في الصين وأنّ تنّـين الموحِّدين كانت لـه اليد الطولى في تحقيق التوحيد في هذا الإتفاق.

ولأنّ تنّـين الصين يرمـز إلى السلطان والحـظّ الطيِّـب، فهل يخرج رئيس جمهورية لبنان متقمِّصـاً من بطـنِ التنّـين الصيني، كمثل ما خـرج النبي يونس من بطـنِ الحوت…؟

أول ما يلفتُـنا في هذا الإتفاق هو أنّ التوجّـه شرقاً في هذا المجال يصبح أمـراً مستحبّاً.

أمّـا عن المحتوى، فنترك لطوالع الأيام أن تكشف انعكاساته على الصعيد الإستراتيجي الدولي، وما إذا كان يعني تقليص القبضة الأميركية عن أمـن الخليج، وما إذا كان يشكل «هدنة موقّتة نتيجة عـدم جـدّية الإلتزام بالبنود» كما قال رئيس جهاز الأمن القومي «جـون كيلي».

أو هو محصّنٌ بضمانة الصين التي تحاول نتيجة فشل الدبلوماسية الأميركية أنّ تحتلّ مكانة متقدمة في منطقة الشرق الأوسط في مواجهة القطب الأميركي المنفرد.

إنها انطباعاتٌ تحمل في طيّاتها تباشير انفراج ومحاذير انفجارٍ معاً.

ولكن، ما يعنينا نحن اللبنانيين من هذا الإتفاق، بـما يرتّـد منه علينا وما يعود من أمـل إلينا في حال ثبوته واستقراره واستمراره.

أولاً: إنّ هذا التقارب السعودي – الإيراني من شأنه أن يلملم ما تمزّق في المنطقة عبر المواجهات العسكرية الدامية، وإنّ تبريد الجبهات الإقليمية الساخنة ينعكس بـرداً وسلاماً على لبنان.

ثانياً: بمجرد أنْ يتضّمن الإتفاق «تأكيدهما» على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، يكون لبنان أبـرز المستفيدين وقد أضحت ساحته منبـراً لتشابُك الصراعات الدولية ومختبراً لنزاعاتها.

تلاحظون: إنّ كلمة «تأكيدهما» على عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية تحدّدتْ حصراً بتوقيع السعودية وإيران، فيما توقيع الصين في الإتفاق يتناول: «بـذل الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي».

ثالثاً: إنّ الصراع الإيراني – السعودي يرتدي موروثاً تاريخياً، وإنّ لكلٍ منهما امتداداً في لبنان بين مكوِّنين أساسيين ينفعلان بـه ويتفاعلان فيه.

رابعاً: إن مئات اللبنانيين يعملون في دول الخليج، يبْـنون ويَجْنون، يعايشون بالموّدة ويتعيَّشون، ومثلما أنّ التعاطف الإيراني يبـدّد الهاجس الإنقسامي في لبنان، فإن التعاطف الخليجي من شأنه أن يعـزّز فـرص النمو ويبـدّد الواقع الإقتصادي والمالي الذي رزح لبنان تحت أنقاضه.

خامساً: إنّ تنفيذ بنـود هذا الإتفاق يمهّدُ ما تمنّـاه وزير الخارجية السعودي في قولـه: «بأنّ لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني – لبناني، وليس إلـى تقارب سعودي – إيراني، وعليه أنْ يقـدّم المصلحة اللبنانية على أي مصلحة أخرى».

يبقى… أنّه لم يبـقَ من أَطْـلالِ المصلحة الوطنية إلاّ هذا الإستحقاق الرئاسي المُـداهِم، فهل نستطيع من خلال هذا المناخ الإقليمي أن نحقّـق التقارب اللبناني – اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية أو أنّهُ سيظلُّ رهينةَ الكائنِ الأسطوري الذي يُعرف بتنّينِ الصين…؟