Site icon IMLebanon

لبنان بين هاوية الانهيار ومردود الاتفاق السعودي الإيراني

كتب معروف الداعوق في “اللواء”:

يعيش لبنان هذه الايام، مرحلة من الانتظار الثقيل، بين الانهيار المالي والاقتصادي الذي بلغ مستوى قياسياً، وما ستكون عليه مؤثرات الاتفاق السعودي الايراني، الذي فاجأ الجميع وأرخى بمفاعيله الاولية، على كسر حالة العداء المستفحل بين دول الخليج العربي وتحديدا المملكة العربية السعودية وايران، والتحضير للانتقال مباشرة إلى إزالة كل مسببات حالة العداء والتوتر التي سادت العلاقات بينهما، بدءًا من حرب اليمن ومروراً بباقي حروب المنطقة المذهبية، التي دمرت واستنزفت جزءا كبيرا من مواردها البشرية والمادية، وآخرتها عن مسيرة التنمية والنهوض بالمنطقة والعالم.

وتبدو مرحلة الانتظار الحالية هي الاصعب في مسار الأزمة اللبنانية المتعددة الاوجه، والتي انهكت اللبنانيين على مدى السنوات الماضية، بفعل سوء الاداء السياسي واستشراء الفساد ونهب الاموال العامة بالكهرباء وغيرها من المؤسسات والادارات العامة من جهة، وتحكم سلاح حزب الله وحلفائه، بمفاصل الحياة السياسية والسيطرة على قرارات ومقدرات الدولة لصالح مشروع السيطرة الإيراني على المنطقة العربية، ما ادى إلى عزل لبنان عن محيطه العربي والدولي، والحاق أضرار جسيمة بمرتكزات الاقتصاد الوطني، وتراجع مداخيل الدولة وصولا إلى حالة الانهيار الحاصل حاليا.

وفي المقابل، الأطراف السياسيون، بمواقع السلطة يجهدون لإيصال مرشحهم عنوة، رغم اعتراض المعارضة وعجزها عن انتخاب مرشحها، ولا يكلف اي طرف نفسه عناء التقدم بخطوة تجاه الاخر، لتضييق شقة الخلاف والتفاهم مع الآخر، وبات الجميع، بالسلطة والمعارضة يدورون بدوامة التعطيل والتعطيل المضاد، تارة بانتظار ما يحمله اجتماع بالخارج، او ترقب لنتائج المصالحة السعودية الايرانية، بينما يرزح المواطنون تحت اعباء الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي المتسارع، وكأن الامر لا يعني السياسيين، ولا يقضُّ مضاجعهم.

وهكذا يطول أمد الفراغ بالرئاسة الاولى، بالرغم من كل الدعوات التي تصدر عن المرجعيات الدينية وغيرها والمناشدات من هنا أو هناك، لتسريع الخطى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وكلها لم تعد تنفع في تبديل نهج اطراف السلطة الممسكين بزمام المبادرة ولاسيما في المجلس النيابي، ولا باقناع المعارضين في جس نبض تحالف السلطة، بالتواصل المباشر، لكشف مدى صدقية الدعوات للحوار والتوافق.

لم يعد هناك من شك أن جميع الاطراف، من كل الاتجاهات السياسية، أصبحوا بانتظار تفاهم الخارج، لتحريك ملف الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس الجمهورية، بالرغم من محاولة هذا الطرف انكار هذه التهمة والتهرب من تبعاتها شعبيًا وسياسيًا، فيما ينحدر الوضع المالي والاقتصادي نحو الهاوية السحيقة بلا اية عوائق او موانع، ما يزيد من حدة الازمة التي باتت تهدد لبنان كوطن وكيان، بعد ان ادت الى الأضرار بمؤسسات الدولة واداراتها، وهذا يعني بالخلاصة انه امام اللبنانيين الانتظار أكثر، وتحمل المزيد من الضغوط المالية والاقتصادية، بانتظار بشائر ما يحمله الاتفاق السعودي الايراني من حلول ومخارج لازمة الاستحقاق الرئاسي ومستتبعاتها من باقي الازمات الأخرى.