كتب عمر البردان في “اللواء”:
في حمأة تصاعد وتيرة الاحتجاجات الشعبية على طول مساحة البلد، وما يتوقع حصوله من تظاهرات الأسبوع المقبل، في موازاة التحضيرات من جانب الاتحاد العمالي العام لموجة إضرابات جديدة، فإن مخاوف حقيقية بدأت ترخي بثقلها على المشهد الداخلي، منذرة بقيام انتفاضة عارمة، مع عودة العسكريين المتقاعدين إلى التظاهر في وسط بيروت، للمطالبة بحقوقهم، وفيما تتجه محطات المحروقات للتسعير بالدولار الأميركي. وهو أمر سيترك تداعياته الخطيرة على مجمل الوضع، دون أن يحرك المسؤولون ساكناً، للتخفيف من معاناة الناس التي ما عادت تقوى على شيء.
وفيما يشتد الخناق على رقاب اللبنانيين، فإن التحضيرات مستمرة من جانب الاتحاد العمالي، للإعلان عن موعد الإضرابات التي ستشمل العديد من القطاعات، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه من تراجع وانهيار. وفي إطار حث المسؤولين على اتخاذ ما يلزم من إجراءات فعالة وحاسمة، من أجل الحد من ارتفاع الدولار الأسود الذي فاقم من معاناة اللبنانيين، بما لحقه من ارتفاعات جنونية في أسعار المحروقات والمواد الغذائية على أنواعها، ما جعل المواطن عاجزاً عن الاستجابة لمتطلبات الحياة اليومية، وسط صورة قاتمة يرسمها الخبراء لمسار الأوضاع في لبنان، مع استمرار تعثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بسبب إصرار «الثنائي» على دعم ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الذي واجه رفضاً حاسماً من جانب المملكة العربية السعودية، وهو ما أبلغه وفدها إلى الجانب الفرنسي في اجتماع باريس الجمعة الماضية .
وفي الوقت الذي أثار كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«اللواء» بضرورة التوافق مع المملكة العربية السعودية بشأن الاستحقاق الرئاسي، اهتمام الأوساط السياسية اللبنانية والخارجية، فإن قراءة القوى المعارضة لما قاله رئيس البرلمان، تشير إلى أن «الثنائي» وصل إلى قناعة باستحالة قدرته على إيصال مرشحه سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، لأن هناك معارضة سعودية واضحة لهذا الخيار. الأمر الذي يفرض العمل على فتح الخطوط باتجاه الرياض، للوقوف على رأيها من موضوع الانتخابات الرئاسية. بمعنى أن لا يشكل أي اسم قد يتفق عليه اللبنانيون، مصدر استفزاز للمملكة، دون أن يعني ذلك أن السعوديين هم من سيختارون اسم الرئيس اللبناني، بقدر ما أن يكونون موافقين على من سيتولى مقاليد الرئاسة اللبنانية، بعدما ضاقوا ذرعاً بممارسات العهد السابق الذي وفر الغطاء السياسي للحملات التي كانت تستهدف بلدهم وقيادته، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي .
وفي زيارة تحمل الكثير من الرسائل، يتوقع أن تحط في بيروت، اليوم، مساعدة وزير الخارجية الأميركي بربرا ليف، للبحث مع المسؤولين اللبنانيين في جملة من الملفات، وفي مقدمها استحقاق الانتخابات الرئاسية . حيث علم، أن المسؤولة الأميركية ستكون على قدر كبير من الحزم خلال اللقاءات التي ستجمعها مع القيادات اللبنانية، لناحية ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، لإخراج لبنان من المأزق وتفادياً للأسوأ. كما أن واشنطن تقف على نفس الموجة مع الرياض، في حتمية ألا يكون الرئيس الجديد، قريباً من «حزب الله»، بما معناه استبعاد أي تأييد أميركي للمرشح فرنجية الذي علم أنه تلقى نصائح بصرف النظر عن إعلان ترشيح نفسه للرئاسة، بعد التطورات المتصلة بهذا الملف، وتحديداً بعد الفيتو السعودي تجاهه.
وقد حاولت جهات سياسية وإعلامية الحصول من السفير السعودي وليد البخاري، على معلومات عما دار من مناقشات في اجتماع باريس الثنائي، إلا أن الرجل اعتصم بالصمت، رافضاً التحدث عما جرى من مداولات خلال الاجتماع . وهو ما رأت فيه مصادر سياسية، وفق معلومات «اللواء»، مؤشراً على أن هذا الصمت يؤكد أن الرياض لن تغير موقفها الرافض لدعم أي مرشح يتبناه «الثنائي»، لأنه في حال انتخابه سينفذ سياسة هذا الفريق، مثلما كان يفعل الرئيس ميشال عون. وهذا ما لا يمكن أن تقبل به دول مجلس التعاون، وعلى رأسها السعودية التي ترفض أن يبقى لبنان بعد اليوم رهينة «حزب الله» وسياسته .