جاء في “الجمهورية”:
في هذا الواقع المأزوم، كلّ شيء مباح، وكل ما يزيد الشرخ ويعمّق الانقسام محلّل، الّا الملف الرئاسي محرّم ان يُقَارب بعقلانية ومسؤولية تحتكمان إلى الحاجة الأكثر من ملحّة لإتمامه قبل فوات الاوان.
ومن هنا، فإنّ خلاصة المشهد الرئاسي تعكس بما لا يقبل أدنى شك ثباتاً على جبهات النكد والمكايدة والتفاخر بسلاح التعطيل، من دون ان يرفّ للمعطّلين جفن على بلد يسقط، ورئاسة جمهورية باتت في حالة موت سريري، وإعادة إنعاشها تخطّت الاستعصاء لتصبح شديدة الاستحالة، وخصوصاً بعدما تمّ إقران سلاح التعطيل، بإيقاظ شيطان الطائفية في بعض النفوس، ليقطع الأمل بأي انفراج محتمل، بل ويستدعي اللبنانيين إلى الركوب في مركب العودة إلى زمن الانتحار الجماعي الذي جُرِّبَ في الحروب الداخلية التي دخلت ويلاتها إلى بيوت كل اللبنانيين مسلمين ومسيحيين.
تتقاطع هذه الصورة، مع تسليم مرجع مسؤول بالأفق الرئاسي المسدود، وقال لـ«الجمهورية»: «كأننا عشية الحرب الاهلية في السبعينيات وما تلاها من نكبات، فهل هذا هو المطلوب؟ هل المطلوب تفتيت لبنان والّا يبقى وطن ودولة ونظام سياسي؟».
اضاف: «لا أرى قيامة لهذا البلد، في ظلّ واقع سياسي عنوانه الاستسلام للأوهام والاحلام، والهروب من فرص التفاهم الداخلي ليس على الأساسيات فحسب بل على أبسط البديهيات، والمفجع فيه هو الجنوح ليس على تعطيل البلد ونسف الاستحقاقات فحسب، بل إلى جعل البلد وشعبه كبش فداء على مائدة نزوات أحزاب التعطيل».
ومضى يقول: «مفتاح الحلول في لبنان هو انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يمكن لأي طرف أن يحسم وحده ويقود رئاسة الجمهورية في الاتجاه الذي يريده، هذا ما قلناه مرات عديدة ونكرّره اليوم، ونضيف انّ سياسة لحس المبرد لا تؤدي سوى إلى نزيف، ما يوجب علينا ان نبحث عن فرصة تفاهم، ونتجنّب هذا النزيف، ونوفّر على اللبنانيين الثمن الذي يدفعونه كل يوم، لأنّ لا رئاسة جمهورية في ظلّ الجو القائم ولو بعد مئة سنة».
ورداً على سؤال حول الجهود السعودية- الفرنسية تجاه لبنان، قال المرجع عينه: «الأصدقاء والأشقاء يشتغلون من اجلنا، فيما نحن نشتغل ببعضنا البعض، بعض الاطراف تصرّ على السير بلبنان خارج مدار التفاهمات سواء التي يُعمل عليها في الداخل او في الخارج، وكذلك خارج مدار الانفراجات التي تتسارع على اكثر من ساحة في المنطقة، (في اشارة إلى الاتفاق السعودي- الايراني)، وكان من الواجب علينا ان نلحّق حالنا ونستثمر عليها بلحظة عقل، ونتمعّن في ما يجري، ونجهّز انفسنا لكي نواكب إيجابياتها، فإذا بنا بدلاً من ذلك، نسقط في افتعالات متعمّدة لتوترات ظنّاً من اطرافها ان يقطعوا الطريق على أي ايجابيات، ويمنعوا على لبنان ان تلفحه رياح الانفراجات الخارجية».