كتب منير الربيع في “المدن”:
في معرض إعلان وزير الاتصالات جوني القرم عن فوز شركة ميريت، بالائتلاف مع Coliprivé المملوكة كاملا من غروب CMACGM الفرنسي، بمزايدة الخدمات والمنتجات البريدية liban post، باعتبار أنها الشركة الوحيدة التي تقدّمت لهذه المزايدة، كان لا بد من طرح سؤال على أحد المسؤولين، حول ما أخذته تلك الشركة من مشاريع واستثمارات في لبنان، فأجاب سريعاً: “يكفي أنهم أخذوا نجيب ميقاتي واستثمروا به، وهذا يكفل لهم الاستثمار بما يريدون”. بالعودة إلى قصة الـliban post، فإن أول جلسة لحكومة تصريف الأعمال، كان التركيز على عقدها في سبيل دفع رسوم متوجبة على الشركة، مع الاستفادة من فارق سعر الصرف المعتمد من قبل الدولة اللبنانية، وذلك تمهيداً لفتح الباب أمام شركة cma cgm لدخول الميدان الجديد في قطاع الاتصالات. علماً أن الطموح لا يبدو أنه في وارد التوقف عند هذا الحدّ.
حتى اكتمال الانهيار
بعيد الإعلان عن انتهاء عقد ليبان بوست، تم الحديث بقوة عن استعداد شركة cma cgm للدخول في هذا المضمار بتسهيل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وبعد اتساع الحديث، أعلنت الشركة عدم مشاركتها في المزايدة، فتم تأجيل البت بالعروض مجدداً، لتعود الشركة وتتقدم وحيدة بالعرض فتفوز. يحاكي هذا نموذجاً عن العقلية التي تتحكم في إدارة البلاد، وتستثمر بالأزمة والانهيار طمعاً بمكتسبات واستثمارات، تؤكد وجهة النظر التي تقول إن هناك من يريد انهيار كل المرتكزات التي يقوم عليها لبنان لإعادة تركيبه من جديد.
يأتي الإعلان عن فوز شركة cma cgm بالمزايدة في الخدمات البريدية، بالتزامن مع إعلان وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، عن إلغاء تلزيم عقد بناء مبنى جديد في مطار رفيق الحريري الدولي. جاء إلغاء العقد بعد حملة عنيفة على وزير الأشغال ورئيس حكومة تصريف الأعمال، باعتبار أنه تم تلزيم العقد بالتراضي. وهذا ما تطور إلى إشكال كبير في البلاد حول كيفية إدارة عملية التلزيم، وكشف عن طموحات لكثر في الاستثمار، خصوصاً أن رئيس مجلس إدارة الشرق الأوسط محمد الحوت هو من أبرز المعترضين على هذا المشروع، لسببين أساسيين، الأول أن الميدل إيست كانت مستعدة هي للقيام بهذا المشروع، وثانياً لأنه لن يكون من مصلحة الميدل إيست المجيء بشركات أخرى، تستدعي شركات طيران متعددة ذات الكلفة المنخفضة.
ضغوط قاسية
في حسابات المصالح والإستثمارات تتضارب جهات وتتقاطع جهات أخرى. وهذا ما حصل بالتحديد في قضية تلزيم انشاء مبنى جديد في المطار. وللعلم أن ذلك يأتي في ظل ضغوط فرنسية قضائية قاسية على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لا سيما أن ملكية الميدل إيست تعود لمصرف لبنان، وفي ظل إعادة تحريك الدعوى المقدمة بحق ميقاتي في موناكو، وتسريب الخبر، ما يعني تلويحاً بالضغوط على الرجل.
اجتماع هذا النوع من الضغوط هدفه المساهمة في إنجاز بعض الترتيبات أيضاً، خصوصاً أن هناك من يشير إلى أن لشركة cma cgm طموحَين، الأول هو شراء أسهم من شركة الميدل إيست، وبالتالي العودة إلى هذا القطاع بعدما كانت شركة air france قد خرجت منه قبل سنوات، وبالتالي هناك رغبة بالعودة إليه. والثاني أيضاً، طموح لدى الشركة في الاستثمار بإنشاء هذا المبنى كاستثمار طويل الأمد أيضاً.
لا يمكن فصل هذه المشاريع والطموحات عن ما تم تحقيقه فرنسياً في لبنان، على خطّ الاستثمار في المطار، بعد الاستثمار في مرفأ بيروت ومرفأ طرابلس، علماً أن الاستعجال يتركز في هذه المرحلة على تسريع عملية إعادة الإعمار.