Site icon IMLebanon

الاستحقاق الرئاسي مُكبّل

كتبت كارول سلوم في “اللواء”:

أن يمر قطوع التوقيت الصيفي ومن ثم إشكال جلسة اللجان المشتركة من دون أن يتطورا بشكل تصعيدي، فذاك من حسن حظ البلد الذي تكفيه الأزمات المشتعلة، لكن في نظرة معمقة لما سجل مؤخرا يفيد أن ما جرى لا يمكن فصله عن حقيقة الاشتباك السياسي في البلاد بين مختلف المكونات. فتطويق التصادم هذه المرة قد لا يسلم في المرة الثانية وقد تكون الحاجة ماسة إلى تطويق صدامات مقبلة على خلفية ملفات متعددة. كل ذلك ودق صندوق النقد الدولي جرس الإنذار مرة جديدة، وجاء الجواب: إمعان في التشرذم والإنقسامات وغياب أي أفق للحل المنشود واستمرار في التعطيل.

في مجلس الوزراء رفع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي العشرة وجاهر بتراجع قدرة التحمل لديه امام الرأي العام وتلاه نائبه والمكلف بالتفاوض مع صندوق النقد سعادة الشامي الذي أصدر بيانا قال فيه: في ظل وجود حكومة تصريف أعمال وعندما يفقد الأمل قد يضطر المسؤول إلى الإنكفاء بعدما قدم كل ما في حوزته وينتقل إلى الظل حتى لا يكون شاهد زور على الإنهيار الحاصل.

جاء رد الشامي على متهمي الحكومة بعدم إنجازها خطة أو برنامجا اقتصاديا موسعا للتفاوض بشأنه مع صندوق النقد معلنا أن البرنامج موجود ولكن التنفيذ في مكان آخر.

قد يقود كل هذا الكلام إلى السؤال إذا كان هناك تعذر في انتخاب رئيس للبلاد وانكفاء حكومي وخلاف نيابي كبير ومؤسسات غائبة ومعطلة وقطاعات منهارة، من يدير شؤون البلاد؟.

يدخل لبنان قريبا في عطلة عيدي الفصح والفطر دون أن تتظهَّر معالم تفاؤلية بقرب انفراج في الملف الرئاسي، فالحديث عن حراك تقوده بعض الدول العربية لا يزال في سياق الحديث بإنتظار وصول موفدين مكلفين البحث في الأزمة الرئاسية إلى لبنان وإمكانية طرح أفكار معينة. وفي هذا المجال تفيد مصادر سياسية لـ «اللواء» ان لا ضرر من محاولات جديدة تبذل لتحريك الملف وعدم إبقائه اسير المواقف المتصلبة،انما الإشكالية تكمن في تكبيل أي جو مؤاتٍ للبحث في هذا الملف بمجموعة من التحفظات الداخلية والخارجية، والدليل على ذلك فشل اللقاءات التي عقدت من أجل لبنان في الخارج وإصرار الداخل أيضا على رفض إمكانية التوافق حتى عن طريق تبادل أسماء أو تشكيل شخصيات أو لجان من قبل بعض القوى الحزبية والسياسية كما فعل الحزب التقدمي الأشتراكي في إطار التواصل وعرض الأسماء المقترحة للرئاسة، مع العلم ان مساعدة وزير الخارجية الأميركية بربارة ليف استطلعت عن مبادرة جنبلاط لكنها كررت موقف بلادها في ما خص أهمية انتخاب رئيس للبلاد سريعا والمواصفات الجيدة. وجاء البيان الصادر امس عن الخارجية الأميركية ليعزز هذا الموقف مقرونا بانتقاد افتقار القادة اللبنانيين الإحساس بضرورة الإسراع بإخراج البلاد من أزماتها. كما تحدث البيان عن تأثير نافع للاتفاق بين السعودية وإيران على لبنان والمنطقة.

وتعتبر هذه المصادر أنه يصعب الرهان منذ الآن على تبدل توجهات الدول المؤثرة في الإنتخابات الرئاسية، وتشير إلى أنه لا بد من التوقف عند تجنب صقور الثامن من آذار الدخول في تفاصيل الأسماء بعد إعلان تأييدها لرئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية ربما لتفادي دخول اسمه مرة أخرى في أية بازارات وإبعاد شبح حرق اسمه أو لأسباب مجهولة مرتبطة بالتعويل على التحرك الخارجي المرتقب.

إلى ذلك تفيد المصادر نفسها أن التخبط الحاصل في آلية اتخاذ القرارات بفعل الشغور الرئاسي قد يتحول إلى مسألة مستمرة، فحكومة تصريف الأعمال مكبلة هي الأخرى بفعل التصريف بالمعنى الضيق، كما أن هناك إجراءات او خطوات لا تبحث داخل المجلس المكان السليم لذلك وهي اما تعدل أو تلغى أو يطرأ عليها شيء.

وتؤكد أن ما قاله الرئيس ميقاتي اعتبره البعض فورة غضب أو إعلان انكفاء أو اعتكافا الا ان الحقيقة تفيد أن الحكومة غير قادرة أن تجتمع الا للضرورة القصوى، والواقع المأزوم في البلد ماليا واقتصاديا يفرمل أي قرار لها فضلا عن غياب التشريع.

وتعرب عن اعتقادها أن رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي أبدى استياءه من الحملات المبرمجة عليه والتي وصلت إلى حد تكرارها بشكل يومي لن يتخلى عن مسؤولياته أو يعتكف لأن «صبره قد نفد» لكنها تؤكد ان ما من صيغة جديدة في انعقاد مجلس الوزراء، بل إن الجلسات تعقد وفق مبدأ الضرورة مع تأكيده الدائم على أهمية إنجاز الإستحقاق الرئاسي. وفي المعلومات أن التحضيرات قائمة لإدراج ملفات على جلسات الحكومة المقبلة لاسيما في ما خص الواقع المالي ومطالب القطاعات والإنتخابات البلدية والإختيارية وغيرها.

مع إقفال منافذ الحل السريع يبدو ان هناك أكثر من سؤال مشروع يمكن توجيهه، إلا أن الابرز اليوم ربما هو عما ينتظر لبنان وهل من مبادرة إنقاذية يُعمل عليها قبل فوات الأوان لاسيما أن البلد في لحظة خطيرة عند مفترق الطرق وفق ما أعلن مسؤولو صندوق النقد.