كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:
مظاهر انهيار الدولة مالياً وإدارياً لا تنحصر داخل حدود البلد، بل تمتدّ إلى كلّ مكانٍ «ذي صلة»، وبطبيعة الحال إلى البعثات الدبلوماسية، كما في سفارة لبنان في كييف، والتي لم يقبض موظفوها رواتبهم على مدى 11 شهراً، ولم تسدّد بدلات إيجار سكن السفير لتسعة أشهر، قبل إعلان تعليق عمل السفارة إلى أجلٍ غير مسمّى، ومعها عُلّقت مستحقات الموظفين على وعودٍ من بيروت بالدفع بعد إجراءات إدارية.
ويبلغ عدد موظفي السفارة سبعة، بينهم أربعة أوكرانيين. وبعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية استقال موظفان لبنانيان، وبقي لبناني واحد والأوكرانيون الأربعة يسيّرون الشؤون الإدارية والقنصلية، قبل أن تقرر وزارة الخارجية والمغتربين، في شباط الماضي، إغلاق السفارة بحجة عصر النفقات، فيما تتحدث مصادر عن عملية اختلاس بمئات آلاف الدولارات.
منتصف شباط الماضي، زار موفد من الخارجية كييف وأبلغ العاملين الخمسة بإنهاء خدماتهم، وسلّم مفاتيح دار سكن السفير إلى المؤجّر، ويُفترض أنه أنجز الإجراءات اللازمة وعاد إلى بيروت. لكن مصادر متابعة تؤكد أن «أكثر من 140 ألف دولار» هي مجموع الرواتب متراكمة منذ نيسان 2022، لم تدفعها الخارجية إلى الموظفين، من دون احتساب تعويضات نهاية الخدمة التي يفترض قانوناً أن تُضاف إلى المبلغ. وتفيد المعلومات بأن الموظّفين، وخصوصاً الأوكرانيين يميلون إلى رفع دعوى في كييف ضد وزارة الخارجية».
كما أن هناك متوجّبات مالية أخرى على «الخارجية». فمع اشتداد الأزمة المالية العام الماضي، وبدء تطبيق الوزارة خطة خفض النفقات، طُلِبَ من رؤساء البعثات الدبلوماسية الانتقال إلى مأجورٍ أقل كلفة، فانتقل السفير من منزلٍ كان إيجاره 8000 دولار شهرياً إلى آخر بكلفة 2700 دولار شهرياً. لكنّ إحجام مصرف لبنان منذ أكثر من عام عن إرسال الدولارات لزوم النفقات التشغيلية للبعثات الدبلوماسية، تسبّب في تراكم بدلات إيجار سكن السفير من حزيران 2022 إلى شباط 2023، الى حوالي 24300 دولار. ونقل متابعون أن الأمور وصلت إلى «قطع التيار الكهربائي وكل الخدمات» عن مبنى السفارة لعدم تسديد الإيجارات. وعندما تقرّر الانتقال إلى مبنى آخر أقل كلفة، وضع رجلا أعمال لبنانيان، في تشرين الثاني الماضي، في تصرّف البعثة مبنى يملكانه في كييف لاعتماده مقراً جديداً للسفارة من دون مقابل». إلا أنه بعد شهر، استدعت الخارجية السفير والمُحاسب إلى بيروت للاستماع إليهما في قضية اختلاس اكتشفها السفير في أيار 2022 وأبلغ الوزارة بها. وفي شباط، تقرّر إنهاء أعمال الموظفين وإقفال البعثة.
وفي بيروت، تؤكد مصادر في الخارجية أنّ «قرار الدفع اتّخذ»، وأنّ موفد السفارة إلى كييف حضّر القرارات الخاصة بالدفع وتسديد المستحقات، وتأخذ حالياً مجراها الإداري المعتاد في الوزارة، تمهيداً لِصَرفِها بالتنسيق مع وزارة المالية.