كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:
يؤكّد معنيون أن مصلحة النافعة ستفتح أبوابها مطلع الأسبوع المقبل «على أبعد تقدير». ليست المرّة الأولى التي يضرب فيها موعد لعودة العمل إلى مرفقٍ يعطّل إقفاله أمور الناس ومصالحهم. لكن، حتى لو صدقت الوعود هذه المرة، لن تكون العودة على قدر التوقعات والتمنيات، بسبب عقبات متنوّعة، منها اللوجيستي والإداري والمالي، ما سيحول دون دورة عمل طبيعية، ولن نكون أمام أكثر من مصلحةٍ ستعمل «بِمَن حضر» و«بِما تيسّر».
تطبيقاً للاتفاق الذي عُقِدَ في السراي الحكومي قبل ثلاثة أسابيع بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي، يخضع 15 ضابطاً و15 رتيباً من قوى الأمن الداخلي، منذ الأسبوع الماضي، لتدريبٍ في مركز مصلحة النافعة في الدكوانة، يشمل كافة مراحل العمل المطلوب من العسكريين إنجازه عوضاً عن موظفي المصلحة الموقوفين على خلفية تورّطهم بقضايا فساد. بحسب المتابعين، الشقّ النظري من التدريبات انتهى، وبدأ التطبيق العملي على سياراتٍ حقيقية، وبناء لقدرة العسكريين على إتمام المهام الموكلة إليهم ومدى سرعتهم، يتحدّد ما إذا كانت فترة التدريب ستُمدّد لأيامٍ إضافية أم لا. وتجزم المصادر أن «العمل سينطلق مطلع الأسبوع المقبل على أبعد تقدير في مركز الدكوانة حصراً». وهو ما لم يقله المسؤولون حين قرروا البحث بملف «النافعة»، وزفّوا خبر عودتها. إذ إن مركز الدكوانة واحد من أربعةِ مراكز أُقفِلَت جراء التحقيقات في تشرين الأول الماضي، وعليه ستبقى مراكز الأوزاعي وعاليه وجونية مُغلقة إلى أجل غير معروف، نتيجة «عدم قدرة الدولة على تشغيلها بشرياً بفرز عدد إضافي من عسكريي قوى الأمن، ومالياً برصد المبالغ المطلوبة لتأمين لوازم العمل».
في الموازاة، سيُطلب من الموظفين في مراكز النافعة في صيدا والنبطية وزحلة وطرابلس تعليق إضرابهم والعودة إلى المراكز. لكن استجابة هؤلاء مرهونة بتقاضيهم رواتبهم المتراكمة منذ أربعة أشهر، تاريخ بدء التحقيقات القضائية في ملف النافعة وما نتج منه من توقيف رئيسة مجلس الإدارة هدى سلوم ومراقب عقد النفقات ع. أ. ورئيس مصلحة الشؤون الإدارية والمالية أ. ع.، وتواري المُحاسب ح. ن. هذا الشغور في الدائرة المحاسبية حال دون إتمام جداول الرواتب وحرمان الموظفين في المراكز التي لم تطلها التحقيقات من تقاضي أجورهم، إلى أن تم قبل أيام تعيين مراقب ومحاسب جديدين، أنجزا الرواتب ومن المفترض صرفها «بين يومٍ وآخر من مساهمة مالية بقيمة 6 مليارات و500 ألف ليرة حصلت عليها المصلحة في إطار ترتيبات استئناف العمل» وفق المصادر. لكن المستخدمين يطالبون بمستحقاتٍ تعود إلى الشهرين الأخيرين من عام 2021 والأشهر الـ12 من عام 2022، تتعلق بالمساعدة الاجتماعية وبدل الانتاجية. إذ إنهم لم يتقاضوا أياً من هذه الإضافات على الراتب، كما لم تعدّل بدلات نقلهم أسوة بموظفي القطاع العام، وبقية رواتبهم تعادل حوالي مليون و700 ألف ليرة فقط. ويعود ذلك إلى «إهمال مجلس الإدارة »، الذي على ما يبدو كان مشغولاً بإحراز أرقامٍ قياسية في فساده.
لكل تلك الأسباب، فإن التحاق المُستخدمين بعملهم ليس محسوماً، لذلك «ستُفتح المراكز بمن حضر»، بعدما استبدل الكادر البشري بآخر غير متخصّص، ومُنحت «النافعة» مساهمة مالية للعودة إلى «السكة»، في شبه خطة تعيدُ تشريع أبوابها، من دون أن يعني ذلك إنتاجية بالقدر المطلوب لإنجاز الكم الهائل من المعاملات المتراكمة. فلوجستياً «الصعوبات قائمة»، ولغاية الآن تستعين مراكز المصلحة بـ«تبرعات» من مادة المازوت، وآخرها من جمعية مستوردي السيارات الجديدة، و«سيستمر الطلب بالتبرّع» يؤكّد المعنيون، «لأن المليارات الـ6 لا تكفي لتشغيل المصلحة».
ربطاً بذلك، تظهر إشكالية تتعلّق بموازنة «النافعة»، إذ« لم تقرّ أي موازنة بعد العام 2018، ما يجعل مجلس الإدارة ملزماً بالصرف وفق القاعدة الإثني عشرية»، تلفت مديرة المحاسبة العامة في وزارة المالية رجاء الشريف. وبما أنّ أرقام العام 2018 لم تعد تتناسب وكلفة النفقات التشغيلية بعد الانهيار، فإن صعوبات ستواجه عملية التشغيل لجهة تأمين القرطاسية وصيانة المولدات الخ… وفي التفاصيل، فإن مجلس الإدارة «لم يقم بعمليات قطع الحساب منذ العام 2007»، من جهتها المالية «كانت توافق على الموازنات وتكرّر طلبها بإفادتها بقطوعات الحساب من دون تجاوب». بعدها تقول الشريف: «كانت تردنا من المصلحة موازنات على أساس مساهمة مالية أكبر من الملحوظة لهم في الموازنة العامة، فلم نصادق على الموازنات من 2019 لغاية 2021 وفي 2022 توقف العمل بسبب التوقيفات القضائية».
أمام مجلس الإدارة – 4 أعضاء من أصل 12 – مهمة إعداد موازنة العام 2023، ليتمكّن من الاستمرار في العمل في المرحلة المقبلة. هذه كانت توجيهات «المالية». في المقابل، تفيد المعلومات بأن المعنيين بالتشغيل راهناً «قلّصوا عدد المعاملات التي كانت تنجزها النافعة»، وألغوا على سبيل المثال الكشف على المركبات غير المستخدمة (صفر كيلومتراج). كما سيفسحون في المجال لتجديد دفاتر القيادة في أي مركز غير المركز الصادر عنه الدفتر، كما سيُسمح للسائقين العموميين بدفع رسوم الميكانيك في المشغّل البريدي كالـ«OMT» وغيرها من المراكز.
الشركة المشغّلة تطلب «فريش» دولار
ترفض شركة «أنكريت» قبض مستحقاتها من الدولة اللبنانية عن عامي 2021 و2022 بقيمة 63 مليار ليرة، وتطالب بتحويل 75% منهم إلى دولار و25% على سعر منصّة «صيرفة». و«أنكريت» هي الشركة المشغّلة، المسؤولة عن البرامج الإلكترونية لهيئة إدارة السير، كما تتولى تأمين الدفاتر وبطاقات الرخص ولوحات المركبات. لزّمت «أنكريت» العمل بموجب عقد بقيمة 30 مليار ليرة، ينتهي في أيلول المقبل، ليكون على عاتق الإدارة إعداد دفتر شروط جديد وإطلاق مناقصة للتلزيم تحتاج حكماً إلى موافقة مجلس وزراء. ومن المتوقّع أن تشهد الفترة الفاصلة بين استئناف العمل وأيلول توترات مع «أنكريت» التي ينقل متابعون أنّها بدأت «تتلكأ» في تلبية احتياجات الهيئة، والادعاء بأن «المخزون لديها من الدفاتر واللوحات لا يكفي للأشهر الستة المقبلة».