جاء في “أخبار اليوم”:
تستمر الأزمة السياسية المستفحلة بتأثيرها على لبنان وانعكاسها على جميع القطاعات فيه ولا سيما النقابية منها، غير ان ما تشهده نقابة المهندسين في بيروت من أزمة سياسية طائفية حادة تلوح في الأفق لم تشهدها النقابة من قبل، قد يُشكّل مؤشرًا لما قد تصل إليه الإنقسامات في البلد قريبًا.
فالنقابة والتي حافظت منذ تأسيسها على الميثاقية داخل مجلسها من جهة، وعلى العُرف القائم بالمداورة في مركز النقيب بين المسيحيين والمسلمين من جهة أخرى، تشهد محاولة إحدى الجهات الحزبية الممانِعة لكسر هذه الميثاقية لأول مرة، مُستعينة بفائض قوة تشعر أنها تملكه، وذلك من خلال انتخابات مجلس النقابة المُعيّنة في ١٥ نيسان الجاري والتي ستحصل على خمسة مقاعد تم اختيارها من خلال القرعة التي أجريت مؤخرًا والتي أتت نتيجتها باختيار ثلاثة أعضاء مسيحيين وعضوين مسلمين.
بناءً عليه، تحاول الجهة الممانعة كسر المناصفة داخل مجلس النقابة وذلك عبر العمل على إيصال ثلاثة أعضاء مسلمين بدل الثلاثة المسيحيين الذين وقعت عليهم القرعة، معتبرين أن الميثاقية لا مكان لها داخل النقابة التي تعتمد قانونًا انتخابيًا أكثريًا وليس نسبيًا، وبالتالي فإن للمهندسين الحق بانتخاب مجلس كامل من طائفة واحدة لو أرادوا. وقد نُقل عن أحد النقابيين الممانعين قوله لبعض زملائه: “أن نسبة المهندسين المسيحيين الذين يقترعون في النقابة قد أصبحت منخفضة، وبالتالي بأي حق نُعطيهم نصف المجلس ونحن نملك القوة الانتخابية الأكبر؟”.
من جهتها، تعزو مصادر نقابية مُطّلعة تراجع الصوت المسيحي في النقابة الى عدة عوامل أبرزها انكفاء التيار الوطني الحر عن جميع الساحات النقابية، كما انخفاض الحماس لدى جميع اللبنانيين وخاصة المسيحيين حيث تبقى الجهة المسيحية الأكثر حضورًا في النقابة هي “القوات اللبنانية”، إلا أنها لا تمتلك قدرة التجييش التي يمتلكها “حزب الله” الذي يستطيع إحضار ناخبيه إلى الإنتخابات حتى لو لم يرغبوا بالحضور.
إلا أن النقمة ليست مسيحية فقط، بل بات المهندسين السنّة أيضًا يلمسون محاولات “حزب الله” المتكررة لتسمية المرشّحين السنّة في النقابة مستفيدًا من تراجع دور تيار المستقبل الذي اعتزل العمل السياسي، وكانت أولى تباشيره انتخاب نقيب شيعي هو عارف ياسين في الدورة المخصصة لانتخاب نقيب سني، مع تأكيد البعض ان قوى الممانعة لن تحترم المداورة في انتخابات النقيب العام المقبل أيضًا، والذي يُفترض ان يكون مسيحيًا، ما يُؤكد ان هدفها هو السيطرة على النقابة بكاملها خاصة ان فيها مداخيل كبيرة تعود لرسوم البناء واشتراكات أكثر من أربعين ألف مهندس.
فإلى أين يأخذ البعض نقابة المهندسين عبر هذه التصرفات؟ وهل يؤدي ذلك إلى تقسيم النقابة الى نقابتين وربما أكثر على اساس طائفي؟ وهل يكون ذلك مقدّمة لانقسامات أكبر في البلد؟