IMLebanon

متى تسحب فرنسا “المقايضة”؟

كتب منير الربيع في “المدن”:

خطوة إلى الوراء تتخذها الدول الخمس، التي تتواصل فيما بينها للوصول إلى تسوية سياسية في لبنان. الهدف من التراجع خطوة هو إعادة تقديم تصور أشمل وأوسع، يكون مبنياً على قواسم مشتركة، بغية إعادة التقدّم إلى الأمام.

لا أسماء

يتمثل التراجع بالخطوة، في تجميد الحركة المباشرة أو الاتصالات البينية في هذه المرحلة. كما تتمثل بإعادة إعلان قوى متعددة بأن ليس لديها مرشح بحدّ ذاته، مع رفضها الدخول في لعبة الأسماء. وهذه مواقف كانت واضحة منذ البداية بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، المملكة العربية السعودية، وقطر، ومصر.

وفي السياق جاء الموقف القطري على لسان المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، تعليقاً على زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجة القطرية محمد الخليفي إلى لبنان. إذ قال: “ليس لدى قطر مرشحٌ مفضلٌ في لبنان”. وشدد على أن زيارة الوزير الخليفي ولقاءاته مع مختلف الأطراف اللبنانية “كانت استكشافية”، مضيفاً أن “الموقف القطري يتلخص في دعم التوصل إلى اتفاق بين اللبنانيين أنفسهم”. وأضاف الأنصاري أنه “من غير المناسب الحديث عن وجود طرف خارجي يكون لديه مرشحٌ مفضلٌ في انتخابات الرئاسة اللبنانية، وما يمكن أن تقدمه قطر والدول العربية بشأن الأزمة اللبنانية هو دعم اللبنانيين للوصول إلى توافق يخرج لبنان من أزمته الحالية”.

مقاربة جديدة

هو موقف من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها بالنسبة إلى الفرنسيين بالتحديد، والذين يتلقون نصائح متعددة من داخل فرنسا ومن خارجها، بوجوب الذهاب إلى تقديم مقاربة جديدة ومختلفة عن ما سرى التداول به أخيرا حول المقايضة. ومن بين النصائح التي توجه لباريس تقتضي بوجوب عدم حشر نفسها في زاوية سياسية واحدة، وتقوم على مرشح واحد. وهو ما كان متفقاً عليه في اجتماع باريس الأول في 6 شباط 2023، فيما تراجعت عنه فرنسا بعدها. وفي هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن تجديد الفرنسيين لاتصالتهم مع شخصيات عديدة ومن بينهم مرشحين محتملين للرئاسة، هو إشارة إلى الخروج من الشرنقة التي وضعت فرنسا نفسها فيها.

وفي رمزية الموقف القطري أيضاً، هو نفي لكل ما تم تسويقه سابقاً في لبنان، حول تبني قطر لمرشح معين بحدّ ذاته. خصوصاً أن البعض ذهب إلى اعتبار زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي إلى بيروت، بأنها تحمل مبادرة تهدف لانتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية، لا سيما أن اسمه جرى التداول به في اجتماع باريس. ولكن لم تتضمن الزيارة القطرية مبادرة تفصيلية تتعلق بالأسماء، إنما كانت الزيارة استطلاعية واستكشافية، بهدف تجميع كل هذه المواقف ودراستها والسعي للوصول إلى مقاربة تقوم على قواسم مشتركة بين غالبية القوى السياسية، يمكن من خلالها الذهاب إلى صيغة حلّ. والأهم أن قطر كما غيرها تترك مسؤولية البحث عن شخصية على عاتق اللبنانيين.

حالة انتظار

وبانتظار بلورة الموقف، بالتزامن مع حراك سياسي إقليمي يهدف إلى معالجة عدد من ملفات المنطقة، في ضوء الاتفاق السعودي الإيراني، ولا سيما الملف اليمني، وبعده الاجتماع العربي الذي سيعقد في سبيل البحث بعودة سوريا إلى الجامعة العربية.. فإن الملف اللبناني يبقى في حالة انتظار إلى حين الاختمار، بشكل يقود القوى الداخلية أولاً إلى البحث عن صيغة ثالثة، وهذا لا يمكن أن يتوفر من دون مقومات خارجية، يفترض أن تبدأ بتراجع فرنسا عن صيغتها المطروحة المتعلقة بالمقايضة. هذا، وسط معلومات تفيد بتوافق سعودي أميركي قطري على مقاربة تعيد الاعتبار لمسألة المواصفات وليس الأشخاص.