Site icon IMLebanon

هل لبنان قادر على تحمّل تداعيات ربطه بساحات المقاومة؟

كتب عمر البردان في “اللواء”:

بعدما انكشف المستور واتضحت الأمور على حقيقتها، فإنه لم يعد خافياً على أحد أن الجميع لا يريدون الانتخابات البلدية والاختيارية، سواء الحكومة أو الكتل النيابية والسياسية. وهذا ما ظهر في الكثير من المواقف التي صدرت في المرحلة الأخيرة، والتي تبلورت بشكل أوضح على لسان نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب الذي كشف أنه سيتقدم باقتراح للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية، بعدما تبين له عدم جدية الحكومة في إجراء هذا الاستحقاق، وإلا ما هو تفسير غياب وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي عن جلسة اللجان المشتركة.

وإذا كان هناك من يتذرع بعدم وجود تمويل لإجراء الاستحقاق البلدي والاختياري، وهو أمر ليس صحيحاً، بدليل إقرار الوزير مولوي بوجود التمويل اللازم، إلا أنه لا بد من التأكيد أن أسباباً سياسية بالدرجة الأولى، دفعت المكونات النيابية والحزبية إلى اختلاق الذرائع لتأجيل الانتخابات شهوراً، لأنها تخشى من نتائجها في ظل الظروف التي يمر بها البلد. ولذلك فإنها تفضل التأجيل، إن لم يكن الإلغاء، إذا كان ذلك ممكناً، تجنباً لانكشافها. وهذا بالتأكيد سيدفع إلى تأجيل الاستحقاق البلدي والاختياري، بعدما تبرأ من في السلطة من هذه المسؤولية.

وسط هذه الأجواء، وعلى أهمية الحراك الدائر بشأن الاستحقاق الرئاسي، بانتظار الاجتماع الخماسي المقرر في الرياض بعد عطلة عيد الفطر، فإن المواقف الداخلية لا زالت على حالها، ولم يحدث أي تغيير من شأنه إفساح المجال أمام إمكانية حصول تقدم، يواكب المساعي الإقليمية الجارية، من أجل تسهيل الانتخابات الرئاسية. وقد نقل عن مصادر في «الثنائي» أنه لن يتم التخلي عن فرنجية، مهما اشتدت الحملات الداخلية والخارجية ضده، الأمر الذي يزيد من قتامة المشهد الرئاسي، بالرغم من الانفراجات التي أشاعها الاتفاق السعودي الإيراني. بانتظار أن تحين ساعة الحل وفق التوقيت الذي يعمل عليه، من خلال المطبخ الإقليمي، تهيئة للتسوية الموعودة التي لن تتعدى أشهراً قليلة.

وعلى هذا الأساس، وإلى أن يحدث خرق في الجدار الداخلي، توازياً مع تراجع حظوظ فرنجية الرئاسية، وإن بقي «الثنائي» مصراً على تبنيه، فإن التعويل يبقى على المشاورات الخارجية التي تتولاها دول الاجتماع الخماسي، سعياً من أجل إزالة العقبات من أمام إجراء الانتخابات الرئاسية في وقت قريب، على أساس تسوية تتولاها الدوحة، بالتنسيق مع الرياض، بعدما تبين للجميع، في لبنان وخارجه، أنه لا يمكن انتخاب أي رئيس لا يحظى بموافقة المملكة العربية السعودية والدول الخليجية.

وقد برز بوضوح أن الجهود الخليجية، تركز على ضرورة أن يكون الحل للمأزق الرئاسي داخلياً، بتأكيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أن بلاده «ليس لديها مرشح للرئاسة في لبنان». وأنه «ليس لدى قطر مرشحٌ مفضلٌ في لبنان»، مشدداً على أن زيارة الوزير الخليفي ولقاءاته مع مختلف الأطراف اللبنانية «كانت استكشافية»، ومشيراً إلى أن «الموقف القطري يتلخص في دعم التوصل إلى اتفاق بين اللبنانيين أنفسهم». وهذا إن دل على شيء برأي مصادر سياسية، فعلى ضرورة أن يعي المسؤولون أن الخارج لن يُعين للبنانيين رئيساً، بل إن هذه مهمة فرقاء الداخل دون غيرهم، وإلا فإن المراوحة القاتلة ستبقى قائمة، مع ما لذلك من مخاطر كبيرة على البلد.

ومع عودة الهدوء الحذر إلى مناطق الجنوب، فإن ما كشف على لسان مسؤول أميركي، بأن «حزب الله» يقوم بتدريب عناصر لـ«حماس» في مناطق بقاعية، وذلك على كيفية إطلاق صواريخ طويلة المدى يكون هدفها ضرب ​إسرائيل، قد أثار المزيد من المخاوف من الإصرار على استخدام الجنوب صندوق بريد، في إطار استكمال الاستباحة للسيادة اللبنانية، وما يمكن أن يستتبع ذلك من رد إسرائيلي لا يمكن التكهن بنتائجه. وتحذر أوساط معارضة من أن «سعي الحزب لإعادة استخدام لبنان ساحة لمقاومات المنطقة، تحول خطير في مسار الأحداث، من شأنه أن يفتح أبواب المواجهة في أي لحظة»، متسائلة: «هل أن المطلوب ربط الساحة الجنوبية بما يجري في غزة والقدس وسوريا؟ وهل أن لبنان في ظل ظروفه البالغة الخطورة الحالية، قادر على تحمل توريطه بمغامرة عنف جديدة لا يمكن التكهن بنتائجها المدمرة على مختلف المستويات؟».