IMLebanon

مَن المستفيد الأول من جريمة التوتر جنوباً؟

كتب فؤاد زمكحل في “الجمهورية”:

فوجئنا بهجوم غير متوقع وتوتر مخيف على حدودنا الجنوبية. فهل سيدفع لبنان مرة أخرى ثمن التوترات والصراعات الداخلية والإقليمية والدولية على أرضه؟ ومن المستفيد الأول من جريمة هذا الهجوم الممنهج والمبرمج؟

كنا ننتظر ونتوقع فصل أعياد مزدهراً، حيث تزامنت أعياد الفصح المجيد والفطر المبارك في آن واحد، وسمعنا عن حجوزات تفوق الـ 80% في الفنادق والمطاعم، وعدد الطائرات الآتية إلى لبنان، التي تحمل عدداً كبيراً من المغتربين، الذين سيضخّون بعض العملات والسيولة في السوق المحلية. فلا شك في أنّ التوتر في جنوب لبنان، قد يخيف بعض القادمين، ويضرب مرة أخرى أي فرصة لإعادة النهوض. وبالتأكيد، فأنّ المستفيد الأول هنا هو مَن يضرب لبنان وبنيته التحتية واقتصاده منذ عقود.

من جهة أخرى، إنّ التوتر والانقسام السياسي في بلد مجاور لحدودنا الجنوبية، يتزايد يوماً بعد يوم. فالتوتر على الحدود يُمكن أن يُبعد الأنظار عن الانقسام والخلاف السياسي، ويرصّ الصفوف حيال المخاطر الأمنية، ويُبعد الأنظار عن الخلافات والتجاذبات السياسية الراهنة.

فالمستفيد الأول هنا بوضوح، مَن كان يواجه مخاطر سياسية، وكان مهدّداً بالإنقلاب الداخلي، والنقمة الاجتماعية. فالتوتر الأمني يُحصّن موقعه ويُبعد الأنظار والأضواء عن الانقسامات السياسية.

من جهة أخرى، إنّ التفاهم والاتفاق على الحدود البحرية وبدء التنقيب في أواخر العام 2023 لا يُرضي الكثيرين، فلا شك في أنّ هناك مصلحة لخلق توتر جديد على حدودنا لاستبعاد موعد بدء التنقيب، في حين أنّ البعض الآخر متقدّم جداً في العمليات التجارية النفطية والغازية.

كذلك، إنّ التحالف والاتفاق الأخير الدولي برعاية الصين بين المملكة العربية السعودية وإيران، ليس مرحّباً به من الجميع. فهناك بعض المصالح لخلق توتر جديد لإعادة خلط الأوراق ومنع أي تداعيات إيجابية من هذا التفاهم الراهن. إضافة إلى ذلك، ليس سراً على أحد أنّ بعض المجموعات لا تستطيع أن تعيش وتتعايش، وأن تنمو وتموّل إلّا في الحالات الإضطرابية، في ظلّ التوترات وحتى الحروب. فلا شك في أنّ هناك مصالح مشتركة في هذه التوترات لإثارة اقتصاد الحرب، وحتى تمويله.

في المحصّلة، لا شك في أنّ هناك مصالح مختلفة على بعض الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية، لكن الأكيد أنّ الذي يدفع الثمن المباشر وغير المباشر هو الشعب اللبناني المنهار واقتصاده المهترئ وشركاته المتزعزعة. لذا، لا شك في أنّ الهجوم الأخير من الأراضي الجنوبية هو مبرمج وممنهج بالأيادي السود عينها التي تريد تدمير لبنان. وهذه الصواريخ تحمل رسائل عدة مباشرة وغير مباشرة، ويمكن أن تُشعل الفتيل في أي لحظة ممكنة، لمصالح عدة. فلمعرفة المستفيدين الأوائل من جريمة هذا الهجوم والتوتر الجديد على حدودنا الجنوبية، علينا بسهولة أن نقرأ بين الأسطر.