IMLebanon

هل تفاؤل فرنجية في محلّه؟

كتب عمار نعمة في “اللواء”: 

توقع البعض أو تمنى أن يخرج زعيم “تيار المردة” من لقائه الأخير مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، بعزوف عن الترشح الرئاسي قياساً إلى ظروف ترشيحه الصعبة وسط موازين قوى داخلية معارضة ورياح خارجية غير مؤاتية.

فات هذا البعض أن مُرشِحَي فرنجية، ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”، أي الثنائي الشيعي، سيما الأول، لم يعلنا ترشيحهما الرئاسي ليتراجعا عنه وأن المسألة باتت أكبر من فرنجية لناحية انسحابه من السباق بهذه السهولة.

المنطق الذي خرج به فرنجية ليعلن ترشيحه من على منبر المرجعية المسيحية الدينية المارونية، لم يختلف عما أبداه الرجل في زيارته لبكركي قبل نحو ثلاثة أشهر.

الجديد في الأمر هو ما استجد من تطورات إقليمية أراد فرنجية والثنائي توظيفها لصالحه والذهاب الى نفي كل ما جاء به الإعلام من معلومات حول عدم قبول خليجي ودولي بالرجل.

الأكيد أن ما حصل من تطورات في الإقليم لم يُزك فرنجية في هذه اللحظة الدقيقة كما يريد مؤيدوه وحلفاؤه الإيحاء به، وما خرج به زعيم المردة هو من عدّة “الشغل” ليس أكثر.

لكن الأكيد أيضاً أن معركة معارضي المنظومة و”حزب الله” أمام نزال صعب جداً كون الحزب هو الأقوى داخلياً والأقدر على قيادة المعارك والصبر عليها حتى تساقط الآخرين، خاصة وأنه أعلن عن دعم فرنجية أو ترشيحه لا فرق وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله.

لكن الحزب قد يعلم أيضا، وقد لا يعلم، أن معركته لفرض فرنجية أودت بعلاقته بحليفه المسيحي القادر الوحيد “التيار الوطني الحر”، لكن لا يبدو أن الأمر يهم الحزب اليوم كثيراً.

إلا انه سيكون صعباً جداً كسر إرادة التيار والشارع المسيحي المعارض لفرض وصول فرنجية الذي سيعيد المسيحيين الى زمن الاحباط الماضي والذي سيفتح الابواب مشرعة امام مختلف الاحتمالات ليس التوتر الاهلي سوى أحد أوجهها.

باتت سياسة الحزب في إيصال فرنجية تسمى شبه رسمياً في أدبيات التيار بسياسة الفرض وهو ما يشير ببساطة إلى حجم الفجوة بين التيار والحزب. واذا ما أراد الحزب تحصين البلد، لا تكفي المراهنة على عامل الوقت لتليين موقف الرئيس ميشال عون وزعيم التيار جبران باسيل بعد مواقف ملتزمة معارضة وصول فرنجية أمام جمهورهما وبات من الصعب العودة عنها.

على أن الإستقرار الهش في البلاد قد يفرض على الحزب مراجعة حساباته مع حليفه المسيحي عندما ينتقل الغليان المسيحي على وسائل التواصل الاجتماعي الى الأرض، ويصبح الحزب أمام تحدي حفظ السلم الأهلي أو إعادة عقارب الساعة الى زمن لا يريد الحزب معايشته من جديد.

الحزب الذي لا يريد حرباً في المنطقة لكنه يستعد وربما يتشوق لها، يعلم أن أية حرب وهجرة ديموغرافية جنوبية نحو الشمال يجب أن يكون هناك من يحتضنها. كما أن أية معركة في وجه العدو يجب أن يكون هناك من يحصنها من الداخل.

تذكير فرنجية لما حصل في أوائل التسعينيات عندما اصطف المسيحيون خارج التسوية التي جاءت على حسابهم، ليس دقيقاً. ذلك أن القادة المسيحيين اليوم هم غيرهم في ذاك الزمان وقد تعلموا من دروس الماضي وثمة من يؤكد أنهم سيواجهون أية تسوية على حسابهم مهما جمعت من تأييد اقليمي ودولي. وسيفتح فرض رئيس رغماً عن إرادة الغالبية المسيحية، الأبواب مشرعة أمام تطورات لبنانية داخلية خطيرة كما أمام خيارات مسيحية اعتقد اللبنانيون ان المسيحيين لفظوها.

ولناحية مؤيدي فرنجية، هم يرون أن مسار التسوية في المنطقة ينحو في اتجاه خياره.

لكنها رؤية استشرافية لمسار الأمور فقط، بينما فرنجية ما زال حتى الساعة مُعارَضاً من قبل اللاعبين الخارجيين الكبار وعلى رأسهم الخليج وزعيمته السعودية والولايات المتحدة الأميركية وغن لم تجاهر بذلك.

ليس هناك ما يشير الى قرب التسوية الرئاسية وثمة من يقول إن ضمانات فرنجية المقدمة الى السعوديين ليست سوى شيك من دون رصيد.

في الأيام الأخيرة برز تطوران لم يجريا لصالح فرنجية. أولهما التطور الصاروخي الأخير في الجنوب الذي لم يدل للمناسبة المرشح الرئاسي بموقفه منه، وثانيهما ما سبقه من تعهد إقتصادي قدمه إلى السعوديين متعلق برؤيته الإقتصادية الداعمة لـ”صندوق النقد الدولي” والتي سرعان ما عرّاها “حزب الله” بإعلان معارضته الشرسة لتدخل الصندوق الذي لا مناص منه لتوفير الثقة الدولية بلبنان.

لكن فرنجية لا ييأس وهو عمل على توفير دفع معنوي لترشيحه بزيارته لبكركي وإعلان ترشيحه الرئاسي ضمناً، ضمن رؤية تقوم على مقايضة لبنانية رئاسية مع اليمن. بينما ثمة ملفات أكبر من لبنان قد تتم التسوية أيضاً فيها ومنها العراق وإعمار سوريا وقد يكون اليمن نفسه من ضمنها وأمن الخليج.