Site icon IMLebanon

عبد اللهيان في بيروت: “سياسة جديدة” لحضور إيراني منفتح؟

كتب منير الربيع في “المدن”:

ليست زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى لبنان، ومن بعده إلى سوريا، بالأمر المستجد أو الخارج عن السياق الروتيني. لكن أهمية الزيارة تنطلق من نقطتين. الأولى، أنها جاءت بعد الاتفاق السعودي الإيراني. والثانية، أنها تنطوي على دعوة وجهتها السفارة الإيرانية إلى حوالى 25 نائباً من كتل نيابية مختلفة للقاء مع الوزير الإيراني. كما أن الزيارة ستشهد جملة تحركات وأنشطة ترتبط بسياقات مختلفة. أولها، اللقاءات مع القوى السياسية اللبنانية. ثانيها، اللقاء مع ممثلين عن الكتل النيابية. ثالثها، لقاءات مع الفصائل الفلسطينية، خصوصاً بعد التطورات التي حصلت سابقاً، وعلى إثر لقاءات عقدت بين أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وقيادات من فصائل المقاومة الفلسطينية، كانت قد سبقت عملية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه الأراضي المحتلة.

مؤشرات كثيرة

كل هذه الملفات ستكون حاضرة على جدول أعمال الزيارة. والتي بلا شك أنها ستحمل مؤشرات كثيرة سياسياً وإقليمياً. وهي تكتسب أهمية أيضاً باعتبار أن عبد اللهيان يحط في بيروت بعد زيارة إلى سلطنة عمان، ومعروف أن عمان شهدت ولا تزال الكثير من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين إيران السعودية، وبين واشنطن وطهران، وبين واشنطن والنظام السوري أيضاً. بعد بيروت، سينتقل الرجل إلى دمشق للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، على وقع التقدم في العلاقات السورية السعودية.

لا بد من انتظار مضامين جولة عبد اللهيان في بيروت، والتي يمكنها أن توضح الكثير من النقاط العالقة، فيما تتكاثر التحليلات الاستباقية حول ما تحمله. فحلفاء إيران يعتبرون أنها زيارة تشير إلى عدم التخلّي عن لبنان، وإثبات الحضور الإيراني على الساحة اللبنانية بعد الاتفاق السعودي الإيراني. فيما خصوم طهران قد يعتبرون أن الزيارة ستكون بهدف إبلاغ الحلفاء بضرورة تسهيل عملية انتخاب رئيس للجمهورية وتقديم تنازلات.

مواقيت التصعيد والتنازل

وبناء على هذه المواقف المتناقضة، فإن الحلفاء يعتبرون أن عبد اللهيان سيشجع على التسوية، لا سيما في ظل وجود قناعة لدى حزب الله بأن حظوظ سليمان فرنجية ترتفع خارجياً، ولا بد من إيجاد مقومات داخلية لذلك. أما المعارضون، فيعتبرون أن هناك اولوية تتقدم على شخصية الرئيس يفترض أن تكون قائمة لدى حزب الله وحركة أمل، وهي الحفاظ على الامتيازات في مواقعهم، على حساب شخص الرئيس، مقابل ضمان انفتاح في العلاقات العربية والدولية، وتخفيف التصعيد، والحصول على مساعدات خارجية. وهذا ما يدفع آخرين للقول إن فرنجية لا يخدم هذا السياق، بينما كل التصعيد من قبل الحزب بتبني خيار فرنجية، من شأنه تحسين الشروط حين يأتي أوان تسوية، ومحاولة لفرض التنازل على الأطراف الخارجية، فتكون التسوية أفضل الممكن له كقوى ممانعة.

لذلك، لا يمكنهم الإعلان عن التنازل بشكل مسبق، إنما الآن الوقت للتصعيد، وبعدها يحين موعد التنازل عندما يتم تقديم العروض. حتى الآن لم يتم تقديم أي عرض، ولذلك لا تزال الأمور على حالها وقابلة لأن تطول. ويعتبر هؤلاء أن كل ما يجري يندرج في سياق البحث عن ثمن، فيما لم يبدِ أحد في الخارج حتى الآن الاستعداد للبدء بتقديم الأثمان.

الارتياح الإيراني

ولكن بعيداً عن كل هذه القراءات المختلفة، تظهر جولة الوزير الإيراني من سلطنة عمان إلى بيروت فدمشق، تعبيراً عن ارتياح إيراني للمسار العام في المنطقة. وهي تعبير عن تثبيت الحضور حتى بعد الاتفاق مع السعودية، بينما تسعى إيران إلى اختلاق آليات سياسية جديدة تعبيراً عن حضورها ووجودها، من خلال تفعيل العلاقات مع القوى الأخرى. وهذا مسار كانت قد استبقته السفارة الإيرانية قبل فترة، من خلال توجيه دعوات إلى شخصيات سياسية ونيابية وإعلامية، من غير المندرجين في خانة المحور أو الحلفاء.

وهذا ما يتكرس مجدداً من خلال لقاءات عبد اللهيان مع ممثلين عن الكتل النيابية المختلفة. فيما تشير مصادر متابعة إلى أن الرجل لن يتدخل في تفاصيل الملف اللبناني، وخصوصاً على الصعيد الرئاسي، وسيؤكد بوضوح أن الملف من مسؤولية حزب الله، بينما إيران جاهزة لتقديم كل أساليب الدعم والمساعدة للبنان.