كتب جوني فخري في “العربية”:
تصدّر ملف النازحين السوريين مجدداً واجهة المشهد اللبناني مع تصاعد المواقف بين مطالب بعودتهم بعد استقرار الوضع الأمني في كثير من المناطق السورية، ورافض تلك العودة قبل توفير “الضمانات” الأمنية لها.
فقد ارتفعت خلال اليومين الماضيين حدة الأصوات المنادية بترحيلهم، بالتزامن مع انتشار دعوات مجهولة المصدر للنازحين السوريين للتظاهر أمام مقر مفوضية اللاجئين أمس الأربعاء، مقابل دعوة مماثلة من قبل لبنانيين يطالبون بعودتهم الى سوريا.
واستدعت دعوات التظاهر هذه تحرّك وزير الداخلية بسام المولوي لمنع إقامتها من الجانبين، تجنّباً لحصول مشاكل أمنية.
وكان لافتاً أمس تصريح وزير الداخلية الذي أشار إلى “أنّ الأجهزة الأمنية والعسكرية ستتخذ كل التدابير الضرورية أمام مخيمات النازحين السوريين”.
وقال “إن من الواجب احترام القانون اللبناني وحفظ النظام، وعلى النازح السوري أن يلتزم بالقانون”.
وتعليقا على تلك التطورات في لبنان، قال مارون خولي، رئيس “الاتحاد العام لنقابات عمّال لبنان” الذي سبق وأطلق حملة الأسبوع الماضي وصف فيها النزوح بـ”الاحتلال”، لـ”العربية.نت” “إن النازحين باتوا يشكّلون اليوم احتلالاً ديموغرافياً للبنان، وبالتالي دعونا للتظاهر من أجل مقاومة هذا الاحتلال كي لا يتحوّل تدريجياً إلى احتلال سياسي”.
كما أشار إلى “أن الاحتقان كبير بين اللبنايين تجاه النازحين”، معتبراً أن هناك مؤامرة دولية في هذا المجال، ومشدداً على أن “أي دعوة للتظاهر من قبل النازحين ستعتبرها بمثابة إنذار يُهدد أمن البلد”.
إلى ذلك، “نصح بعدم تسليم الشارع السياسي للنازحين بعدما أطبقوا على البلاد باحتلالهم الديموغرافي”، وفق تعبيره.
كذلك اعتبر الخولي “أن هناك شعباً بات يأكل ويشرب على حساب شعب آخر، وأن كلفة هذا الاحتلال الديموغرافي 50 مليار دولار، وهذا ساهم بانهيار الوضع الاقتصادي بلبنان”.
في المقابل، قال حسين محمد الحسين، الناشط السوري في مجال الإغاثة الإنسانية والذي نزح إلى لبنان عام 2011، لـ”العربية.نت” “دعونا للتظاهر أمس أمام مفوضية اللاجئين من أجل المطالبة بإيجاد حلّ لأزمتنا في لبنان”.
وأوضح “أنهم يطالبون المفوضية بفتح ممر إنساني للنازحين السوريين في لبنان نحو الشمال السوري أو إعادة ترحيلهم إلى بلد ثالث أكثر أمناً، لأن عودتنا إلى سوريا غير آمنة”.
كما أشار الحسين الذي يسكن في أحد مخيمات البقاع الغربي إلى “أن التظاهرة أمام مفوضية اللاجئين لم تكن موجّهة ضد لبنان أو الجيش اللبناني كما روّج، وإنما للطلب من المجتمع الدولي عبر المفضوية إيجاد حلّ لأزمتنا، لأنه كما المواطن اللبناني متضايق من وجودنا، نحن أيضاً متضايقين من بقائنا في لبنان في ظل الأوضاع الاقتصادية والمالية المتأزّمة”.
تزامنت هذه التطورات بملف النازحين مع إجراءات بدأت السلطات اللبنانية بتنفيذها في بعض المناطق، بحيث برز الثلاثاء قرار من محافظ لبنان الشمالي، القاضي رمزي نهرا، يتعلق “بتنظيم العمالة الأجنبية حفاظاً على السلامة والأمن العام، وذلك نظراً إلى ما لهذا الأمر من انعكاسات كبيرة على الأمن المجتمعي.
وسبق هذه الإجراءات مداهمات نفّذتها أجهزة الاستخبارات التابعة للجيش اللبناني في بيروت ومنطقة جبل لبنان منذ بداية نيسان الجاري.
ومن السوريين الذين تمّ ترحيلهم، منشقّ عن الجيش السوري، يعيش في لبنان منذ عام 2014، وتمّ ترحيله مع زوجته وولديه.
فيما قال شقيقه الذي تحدّث لـ “العربية.نت” مشترطاً عدم ذكر اسمه أو اسم أخيه “من أجل سلامتهما”، على حدّ تعبيره، “إن عناصر من مخابرات الجيش داهمت منزل شقيقه يوم الأربعاء الفائت، واعتقلته مع زوجته وولديه بحجَة أنه لا يملك أوراقاً ثبوتية”.
وأوضح “أن شقيقه العسكري المنشقّ لا يملك بطاقة هوية سورية لأنه فرّ من الجيش السوري، إلا أنه مُسجّل لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة”.
كما أكد “أن حياة شقيقه في خطر وأنه موجود لدى عناصر تابعة للجيش السوري متمركزة على الحدود السورية لجهة شمال لبنان”. ولفت إلى “أن الجيش أبلغهم أن سبب المداهمة لمنزل شقيقه هو دخوله لبنان بطريقة غير شرعية، ودون أوراق ثبوتية”.
إلى ذلك، كشف “أن العائلة تتواصل مع جهات نافذة داخل سوريا من أجل إعادة شقيقه وعائلته إلى لبنان، وقد عرضت دفع مبلغ من المال من أجل ذلك”. وقال “لا نريد أن نعود إلى سوريا قبل إعطائنا ضمانات مُسبقة، وإلا فليتم ترحيلنا إلى بلد ثالث”.
في المقابل، أكد مصدر أمني لـ”العربية.نت” “أن الأجهزة الأمنية تُنفّذ مقررات مجلس الوزراء في الحفاظ على الأمن في كافة المناطق والأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى مقررات المجلس الأعلى للدفاع فيما خص التشدد في ضبط عمليات التهريب عبر المعابر كافة على طول الحدود مع مراعاة واحترام القوانين المرعية الإجراء”.
كما حرص المصدر على التأكيد على “أن من يتم ترحيله من النازحين السوريين، من الموجودين على الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية أو ممن ارتكب جرماً معيناً”.
إلى ذلك، كشف “أن العدد الإجمالي لمن تم ترحيلهم غير محدد، لكن هذا الشهر لم يتجاوز الـ 250، وتم تسليمهم للجيش السوري في مراكزه المنتشرة على الحدود مع لبنان”.
يذكر أنه بحسب السلطات اللبنانية، يوجد نحو مليوني لاجئ سوري على الأراضي اللبنانية، نحو 830 ألفاً منهم مسجّلون لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وفي وقت سابق، نظّمت السلطات اللبنانية عبر جهاز الأمن العام حملات عودة للنازحين بعنوان “العودة الطوعية” للسوريين إلى بلدهم. غير أنّ منظمات حقوق الإنسان تعتبر هذه العودة قسرية.