لا تزال الضجة ترافق خبر استقالة جيفري هينتون، الذي ينظر إليه على نطاق واسع كأب روحي للذكاء الاصطناعي، خصوصاً أن الرجل البالغ من العمر 75 عاماً، أرفق قراره أمس الثلثاء ببيان يكشف فيه أنه نادم على عمله خلال السنوات الماضية.
ولم يكتفِ الاختصاصي البريطاني – الكندي الشهير في علم النفس المعرفي وعلوم الكمبيوتر، بالندم، بل كشف عن مخاطر للذكاء الاصطناعي لمسها أثناء رحلته العملية الطويلة، وهو ما ترك عالم التكنولوجيا في صدمة طالت حتى سوق أسهم الشركات العملاقة.
وأكد الرجل أن بعض مخاطر روبوتات الدردشة للذكاء الاصطناعي التي طورها بيده أصبحت “مخيفة للغاية”، منوها إلى أنها اليوم ليست أذكى من البشر لكنها قد تصبح كذلك قريباً، ويمكن استغلالها من قبل “جهات سيئة”، وفقا لكلامه مع شبكة “بي بي سي”.
كما أضاف أن تلك البرامج باتت قادرة على إنتاج الكثير من النصوص تلقائيا، حتى أصبح بإمكانها الحصول على الكثير من برامج السبام (أي التهكير) الفعالة للغاية.
كذلك تابع أنه بإمكانها السماح للقادة المستبدين بالتلاعب بناخبيهم، وأشياء من هذا القبيل، وفق قوله، مشدداً على أنه كان قلقا أيضا بشأن الخطر الوجودي لما يحدث عندما تصبح هذه الأشياء أكثر ذكاء منا.
وكشف أنه توصل إلى استنتاج مفاده أن نوع الذكاء الذي نطوره مختلف تماما عن الذكاء الذي لدى البشر، قائلا “لهذا يبدو الأمر كما لو كان لديك 10000 شخص وكلما تعلم شخص ما شيئا ما، يعرفه الجميع تلقائيا. وهذه هي الطريقة التي يمكن أن تعرف بها روبوتات الدردشة هذه أكثر بكثير من أي شخص واحد.”
كما شرح أنه قلق أيضا من أن الناس لن يتمكنوا قريبا من تمييز ما هو صحيح من خلال الصور ومقاطع الفيديو والنصوص التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي تغمر الإنترنت، في إِشارة منه إلى التحديثات الأخير حول الصور مثل Midjourney والتي مكنت المستخدمين من إنتاج صور واقعية، إحداها كانت للبابا فرانسيس مرتديا معطف بالنسياغا المنتفخ وانتشرت بشكل واسع في مارس/آذار الماضي.
وكذلك أبدى قلقه من أن يحل الذكاء الاصطناعي في النهاية محل وظائف مثل المساعدين القانونيين والمساعدين الشخصيين والأعمال الشاقة الأخرى، وربما أكثر في المستقبل.
يشار إلى أن هينتون لم يكن الاختصاصي الرفيع الوحيد الذي أبدى خوفه من أن التكنولوجيا يمكن أن تسبب ضررا جسيما للبشرية، ففي الشهر الماضي، قال إيلون ماسك إنه اختلف مع لاري بيج، المؤسس المشارك لشركة غوغل، لأن الأخير لم يكن يأخذ سلامة الذكاء الاصطناعي على محمل الجد بما فيه الكفاية.
كما رأت فاليري بيسانو، الرئيس التنفيذي لميلا معهد كيبيك للذكاء الاصطناعي، أن النهج المتهور تجاه السلامة في أنظمة الذكاء الاصطناعي لن يتم التسامح معه في أي مجال آخر.
وأعلن “الأب الروحي للذكاء الاصطناعي”، قراره بترك العمل في شركة غوغل أمس الثلاثاء، بعد سنوات من نجاج الشراكة بينهما، قائلاً “ساهمتُ بتطوير تكنولوجيا باتت خطرة على العالم.. ولهذا حيّدت نفسي عن العمل في عملاقها”.
وشكل هذا الإعلان مفاجأة في عالم التكنولوجيا، خصوصا أن عمل هينتون على الشبكات العصبية، كان أساسا في أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعمل على تشغيل العديد من المنتجات التقنية المعاصرة.