Site icon IMLebanon

الإتجار بالبشر يتزايد.. ووزارة العدل تتحرّك

كتبت مرلين وهبة في”الجمهورية”:

صحيح انّ موضوع الإتجار بالأشخاص قديم، الّا انّه جريمة تتجدّد، بمعنى أوضح، هو تجارة تجدّد نفسها من خلال تغيير وسائل ارتكاب الجريمة. ولذلك، يجب على الدول عدم التردّد في مكافحة آفة الإتجار بالبشر وحماية الضحايا. وفي هذا السياق، تنظّم وزارة العدل ورشة عمل تبدأ غداً في فندق «الموفنبيك» وتستمر ليومين، بدعم من مجلس اوروبا لمكافحة الاتجار بالبشر، وذلك في إطار البرنامج المشترك للاتحاد الاوروبي ومجلس اوروبا. وتتمحور الورشة حول إعداد مشروع لائحة المؤشرات العامة والخاصة في لبنان، بهدف رصد ضحايا الإتجار بالبشر والتعرف إليهم. وتكشف مصادر وزارة العدل لـ «الجمهورية» اسباب تنظيم هذه الورشة، فتؤكّد «انّ لدينا مشكلة في موضوع الإتجار بالبشر في لبنان، خصوصاً انّ الأعداد تتزايد، ولذلك قرّرت وزارة العدل التحرّك».

وتكشف مصادر وزارة العدل لـ«الجمهورية»، أنّ الوزارة كانت قد شاركت في مؤتمرات عدة نظّمها المجلس الاوروبي لمكافحة الاتجار بالبشر، وسبق للبنان ان تواصل مع المجلس للنظر في إمكانية التعاون في مواضيع قانونية وقضائية عدة. وراسلت الوزارة المكتب الاقليمي في تونس حول سبل التعاون، وكان الجواب ايجابياً. لافتاً إلى انّ هناك مواضيع عدة قانونية وقضائية ممكن للبنان ان يتعاون فيها مع المكتب الإقليمي.

وكشفت المصادر نفسها، انّه وبعد مشاركة قضاة لبنانيين في مؤتمرات حول الإتجار بالبشر، إقترح المجلس الاوروبي على وزارة العدل اللبنانية وقضاتها البدء بالعمل على هذا الموضوع، وعزز ذلك القرار بحضور وفد كبير من المجلس الاوروبي للاجتماع مع وزير العدل والوزارات المعنية، لمناقشة أطر التعاون القانوني وتقديم المساعدة والخبرات، إن من خلال ورش عمل او دورات تدريبية، لتعميق معرفة القضاة اللبنانيين للمعايير الدولية بالنسبة إلى المواضيع القانونية… وعليه، اقترح مجلس اوروبا البدء بورشة عمل من بيروت عنوانها «وضع مؤشرات للرصد والتعرف إلى ضحايا الإتجار بالبشر».

وفي السياق، تكشف المصادر، انّ في الأساس كان هناك تعاون بين وزارة العدل وبين منظمات دولية عدة تهتم بموضوع الاتجار بالبشر، ولكن وبناءً على اقتراح المجلس الاوروبي، رحّبت وزارة العدل باستكمال عملها المتعلق بهذا الموضوع وباستمرارية العمل المُنجز، من خلال ورشة عمل تشكّل جزءاً من مشروع وضع آلية عامة حول إحالة الإتجار بالبشر.

وفي المعلومات، انّ الوفد الذي سيحضر، سيجتمع مع وزير العدل للبحث في اطر التعاون في لبنان وفي مواضيع قانونية تشكّل اولوية بالنسبة إلى وزارة العدل، علماً أنّ المؤتمر الذي سيُعقد غداً في بيروت، سيشارك فيه عدد من الوزراء ورؤساء اللجان النيابية المعنيين بقضايا الاتجار وحقوق الانسان عموماً، وكذلك سيحضره ممثلون عن كافة الوزارات المعنية وهيئات المجتمع المدني والمنظمات الدولية العاملة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر في لبنان وفي رصد الضحايا والتعرف إليهم، ولا سيما منها المنظمات الدولية التي تتعاطى مع الوزارة في هذا الموضوع.

وتضيف المصادر، انّ الوزارة لا يمكنها التعامل مع منظمة واحدة في هذا المجال، وهي جاهزة دوماً للتعاون مع اي منظمة حقوقية او دولية ترغب في العمل معها.

وفي السياق نفسه، تعتبر مصادر قضائية، أنّه «من اجل مكافحة هذه الظاهرة الاجرامية بطريقة فعّالة، يجب وضع آلية وطنية لإحالة ضحايا الاتجار، ومن الضروري اعتماد نهج قائم على حقوق الانسان بدءاً من مرحلة تحديد هوية الضحايا وحتى مرحلة إعداد تأهيلهم. وقالت، انّ إنشاء مثل هذه الآلية يشكّل خطوة اساسية لضمان حماية الضحايا ومساعدتهم واحترام حقوقهم الأساسية لدى الجهات الفاعلة في مكافحة الاتجار، سواء كانت عامة او خاصة. إذ يجب الّا ننسى انّ الاتجار بالأشخاص يُعتبر شكلاً خطيراً من أشكال الجريمة وانتهاكاً لحقوق الانسان، وهو ينطوي على تجنيد شخص او نقله او تنقيله او ايوائه او استقباله، بغرض إخضاعه بشكل من الأشكال للاستغلال، وباستخدام وسائل غير مشروعة، مثل استغلال الضعف او الاحتيال او التهديد او استخدام القوة. وتؤثر هذه الجريمة على كل البلدان، سواء كانت بلدان منشأ عبور او مقصد، وذلك بحسب اتفاقية مجلس اوروبا لمكافحة الإتجار بالبشر. وبالتالي، فإنّ الآلية الوطنية لإحالة ضحايا الإتجار، بحسب المجلس الاوروبي، هي نظام يسمح برصد الضحايا واحالتهم إلى الخدمات المناسبة ومرافقتهم وحمايتهم، كما انّها آلية تعاون متعدّدة التخصّصات، يفي في اطارها جميع ممثلي الدول بالتزاماتهم بحماية الحقوق الأساسية لضحايا الاتجار وتعزيزها من خلال ربط جهودهم بجهود المجتمع المدني ضمن شراكة استراتيجية، ويجب تنسيق هذه الآلية التي تختلف بحسب البلد ويتمّ تطويرها على أساس الاحتياجات الوطنية».

وتقول مصادر قضائية معنية بتنظيم المؤتمر، انّ ورشة العمل ستنطلق غداً بكلمة افتتاحية لوزير العدل هنري الخوري، يكشف فيها انّ المرحلة الرئيسية التي تنبع منها مكافحة الاتجار بالبشر تكمن في اهمية التعرّف إلى ضحايا الاتجار بالأشخاص، لأنّها تُعتبر الخطوة الحاسمة لضمان الحقوق الاساسية للضحايا وضمان حصولهم على الرعاية الكافية، خصوصاً انّ التعرف إليهم هو عملية معقّدة تتطلب بحثاً مكثفاً وإجراءات موحّدة، لأنّهم غالباً ما يكونون في حالة هشاشة نفسية كبيرة وعزلة وجهل بأوضاعهم بصفتهم ضحايا.

ولذلك، تضيف المصادر، تسعى السلطات المختصة إلى البحث عن الظروف المختلفة التي قد تعتبر فيها شخصاً ما ضحية للإتجار وتقييمها لضمان تحديد هوية الضحايا وتأمين السلطات المختصة المتابعة الكافية لهم. وتختم: «من المهم اعتماد لائحة عامة ومحدّدة بالمؤشرات، تكشف بالأدلة التي يتمّ جمعها من الضحية عن وجود عوامل موضوعية تحدّد ما إذا كان الشخص الذي تُجرى المقابلة معه هو ضحية للاتجار؛ ولذلك ستنكّب ورشة العمل بدءاً من الغد، وكجزء من عملية إعداد الآلية الوطنية لإحالة ضحايا الاتجار بالبشر في لبنان، على الجمع بين كل الجهات الفاعلة في مكافحة الاتجار بالبشر وخصوصاً في رصد الضحايا والتعرف إليهم، بغية وضع قائمة موحّدة من المؤشرات العامة والخاصة في لبنان.