جاء في “الدولية للمعلومات”:
أقرّ مجلس النوّاب، في جلسته يوم الثلثاء في 18 نيسان 2023، اقتراح قانون تمديد ولاية المجالس البلديّة والاختياريّة لتاريخ أقصاه 31-5-2024. واعتبر البعض أنّ هذا النص يترك للحكومة حريّة إجراء الانتخابات في الوقت الذي تراه مناسباً، وتكون جاهزة ماليّاً وإداريّاً لذلك.
أعلن معارضون للتمديد عزمهم على تقديم طعن بالقانون ضمن المهلة الدستوريّة المحدّدة بـِ 15 يوماً من تاريخ نشر القانون في الجريدة الرسميّة، فماذا سيكون قرار المجلس الدّستوري في الطّعن الحالي استناداً إلى قراره في العام 1997؟
تمديد الولاية في العام 1997
في 24 تموز 1997، أقرّ مجلس النوّاب القانونين الرّقم 654 ممدّداً لولاية المجالس البلديّة واللّجان القائمة بأعمال البلديّات لغاية 30 نيسان 1999، والرّقم 655 ممدّداً للفترة عينها ولاية المختارين والمجالس الاختياريّة.
تمّ الطعن بالقانونين أمام المجلس الدستوري الذي أصدر القرارين، الرّقم 1/97 والرّقم 2/97 بتاريخ 12-9-1997، وقضى المجلس بقبول الطعنين وإبطال القانونين موضوع الطعن.
حيثيّات قراري المجلس الدستوري
استند المجلس الدستوري في قراريه بقبول الطعنين على عدّة أمور، أبرزها:
بما أنّه إذا كان يعود للمشترع أن يحدّد مدة الوكالة الانتخابيّة، لانّ وضع الأنظمة الانتخابيّة النيابيّة أو المحليّة يدخل في اختصاصه، فهو لا يستطيع أن يعدّل في مدّة الوكالة الجاريّة إلا لأسباب مستمدّة من ضرورات قصوى وفي حدود المدّة التي تستدعيها هذه الضرورات، أي في حال وجود ظروف استثنائيّة،
وبما أنّه في الظروف الاستثنائيّة تتولّد شرعيّة استثنائيّة يجوز للمشترع أن يخالف فيها أحكام الدستور والمبادئ الدستوريّة أو القواعد ذات القيمة الدستوريّة، محافظةً على النّظام العام أو ضماناً لاستمرار سير المرافق العامّة وصوناً لمصالح البلاد العليا،
وبما أنّه، إذا كان يعود للمشترع أن يقدّر وجود ظروف استثنائيّة تستدعي منه سنّ قوانين لا تتوافق وأحكام الدستور، في حدود المدّة التي تستوجبها هذه الظروف، فإنّ ممارسته لهذا الحقّ يبقى خاضعاً لرقابة المجلس الدستوري،
وبما أنّ القانون المطعون فيه، الرّقم 654 وتاريخه 24-07-1997، قد مدّد ولاية المجالس البلديّة واللّجان القائمة بأعمال المجالس البلديّة لغاية 30 نيسان 1999، بعد أن كانت هذه الولاية قد انتهت بتاريخ 30-06-1997 بعد سلسلة متوالية من التمديد كان آخرها بموجب القانون الرّقم 597 بتاريخ 28 شباط 1997،
وبما أنّ قانون البلديّات الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي الرّقم 118 بتاريخ 30 حزيران 1977، قد حدّد مدّة ولاية المجالس البلديّة، في المادّة 10 منه، بستّ سنوات على أن تطبّق في الانتخابات البلديّة أحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس النوّاب بما في ذلك القائمة الانتخابيّة المعتمدة لانتخاب أعضاء مجلس النواب،
وبما أنّه من الواضح أنّ المشترع قد مدّد بموجب القانون المذكور، ولاية المجالس البلدية لمدّة طويلة من دون أن يضع على الأقلّ شروطاً أو حدوداً لتطبيقه، فإنّه، بذلك، لم يراع صلاحياته الدستوريّة،
وبالاستناد إلى كل ما سبق فإنّ المجلس الدستوري قد أقرّ بوجود ظروف استثنائيّة تفرض التّعديل في القانون وفي مدّة ولاية الهيئات المنتخبة، ولكنّه لم يعتبر في العام 1997 أنّ هذه الظروف موجودة، وبالتّالي رفض التّمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة.
أمّا في الحالة الراهنة، قد يأخذ المجلس بالظروف الاستثنائيّة نتيجة حالة الترهّل التي تعيشها الدّولة، وبالتّالي قد يردّ الطعن المقدّم بقانون تمديد الولاية.
من 1997 ولغاية 2023
بما أنّ المشترع قد مدّد بموجب القانون المطعون فيه ولاية المجالس البلديّة واللّجان القائمة بها، استناداً إلى الأسباب الموجبة التي تقدّمت بها الحكومة، وحدّد المهلة القصوى لإجراء الانتخابات البلديّة بتاريخ أقصاه 30-04-1999، تاركاً لها حقّ تحديد التّاريخ، في الوقت الذي تراه مناسباً، لإجراء هذه الانتخابات، وبالتّالي تحديد موعد نهاية ولاية هذه المجالس، فيكون قد ترك للسّلطة الإداريّة أمراً هو من صلاحيّته المقرّرة له في الدّستور وهي صلاحيات شاملة تتناول، في ما تتناوله، وضع القوانين المتعلّقة بالانتخابات النيابيّة والمحليّة والقواعد التي تجري على أساسها هذه الانتخابات والموعد الذي تجري خلاله، بما في ذلك تحديد ولاية المجالس المنتخبة.
وقد دفعت هذه المسألة بالمجلس إلى القبول بالطّعن، وردّت في قانون التّمديد الحالي الذي ترك للحكومة اختيار الوقت المناسب لإجراء الانتخابات، وبالتّالي إنهاء ولاية المجالس البلديّة والاختياريّة. ولو أراد المجلس الدستوري الاستناد إلى قراراه في العام 1997، ما كان إلا ليقبل بالطعن ويُبطل قانون التّمديد الحالي.
في العام 2023
أقرّ مجلس النوّاب القانون الرّقم 310 بتاريخ 26-04-2023، والذي نصّ على التّمديد للمجالس النيابيّة والاختياريّة حتّى تاريخ أقصاه 31-5-2023، ولقد تقدّم عدد من النوّاب بطعن أمام المجلس الدّستوري الذي قام بدوره بتعيين مقرّر وتعليق العمل بالقانون المذكور أعلاه، ومن المتوقّع أن يصدر القرار النّهائي عن المجلس قبل نهاية الشّهر الحالي (أيّار 2023).