كتبت فانيسا مرعي في “الاخبار”:
قبلة جديدة لمحبّي ممارسة رياضة الغوص افتتحت في بحر البترون. آليات ومروحيات عسكرية ثبتت على عمق 20 متراً في إطار «Underwater Museum» بتنفيذ من لجنة مهرجانات البترون بالتعاون مع بلدية البترون والجيش اللبناني، على بعد 600 متر من الشاطئ قبالة كنيسة سيدة البحر بعد السور الفينيقي. وتتيح هذه الخطوة الجديدة والفريدة من نوعها في المدينة للغواصين الذين يقصدون المتحف رؤية سبع آليّات عسكريّة قديمة لم تعد صالحة للاستخدام من قبل الجيش، وهي: دبّابة، طوافة نُقلت من رياق، «جيبان» عسكريّان، ناقلة جنود، باص وطرّاد بحريّ.
يدخل المشروع ضمن برنامج مهرجانات البترون لهذا الصيف والذي سيُطلَق في 23 حزيران المقبل. رئيس لجنة المهرجانات في البترون، سايد فيّاض، أكد لـ«الأخبار» أنّ المتحف متاح للجميع والعمق الموجود فيه مناسب حتّى للأشخاص المبتدئين في الغوص، مشيراً إلى أنه مشروع مستدام يعزّز السياحة ويساهم في ازدهار المدينة في ظلّ الظروف الصعبة. وتحمل المبادرة ثلاثة أهداف: تكريم الجيش اللبناني، تشجيع ممارسة رياضة الغوص في المدينة التي يوجد فيها ناديان للغوص، وزيادة الثروة البحريّة من خلال الشِعاب الصناعيّة.
كيف حُدِّد الموقع المناسب للمتحف؟ يلفت فياض إلى أنّ وحدة الجيوفيزياء في الجيش قامت بعملية مسح للشاطئ البتروني ورسمت خريطة لتحديد الموقع الأفضل ونقاط تثبيت العتاد. فيما بادر فريق مؤلّف من غواصين اختصاصيين من البترون تعاون مع لجنة المهرجانات إلى إنزال الآليات في مكانها المحدّد. واختيرت الرقعة لأنّ الأرض هناك منبسطة ومناسبة لعدم تعرّض الآليات لخطر الإزالة بسبب التيارات البحرية، كما أنّها لا تؤثّر على الملاحة البحرية.
ورداً على الانتقادات التي سجّلها ناشطون بيئيون خوفاً على الحياة البحرية في موقع المتحف، شدّد فيّاض على أنّ الآليات العسكريّة المعروضة «لا تلحق أيّ ضرر بالبيئة البحرية، لأنّها عبارة عن هياكل حديدية أٌفرغت منها كلّ مادة ملوِّثة ونُزعت منها إطاراتها ومحرّكاتها قبل إنزالها في مياه البحر».
في المقابل، يؤكد الاختصاصي البيئيّ شادي عنداري أنّ تقويماً علمياً دورياً يجب إجراؤه لأيّ مشروع من هذا النوع، من أجل الاستفادة منه في زيادة الثروة البحرية. وهذا التقويم يُجرى على صعد ومراحل عدّة تبدأ قبل تنفيذ المشروع، لجهة دراسة خصائص الموقع وأنواع الثروة البحرية الموجودة فيه، وتستمرّ سنوياً بعد تنفيذه.
وعن كيفيّة تكاثر الأسماك في موقع المتحف، يشرح عنداري لـ«الأخبار» أنّ كلّ كائن بحريّ يستفيد منه بطريقة مختلفة. بعض هذه الكائنات يثبت نفسه على الهياكل الحديدية جاعلاً منها مأوى له، فيما هناك أنواع أخرى تستقطبها الطحالب والأعشاب التي تنمو على القطع الحديدية، فتقصد الموقع لتأكل. كما نجد أنواعاً تعتبر هذا المتحف موقعاً مناسباً لتبيض فيه. وتختلف الأسماك بين تلك التي تحبّذ الاستقرار في قعر البحر وتلك التي تتنقّل في مياهه حسب فصول السنة.
ويشير إلى أنّ ملاحظة تكاثر السمك في الرقعة المحدّدة تحتاج إلى سنة على الأقلّ، مشدداً على ضرورة الاهتمام بعوامل عدّة تحقيقاً لزيادة الثروة البحرية. من هنا، يلفت عنداري إلى وجوب العمل وفق خطة متكاملة وعلمية تتعاون في تنفيذها السلطات المحلية والصيادون وتعاونيّتهم ونوادي الغوص من أجل التصرف بمسؤولية في الموقع المحدّد والتأكد من تطبيق قانون الصيد البحري لحماية البيئة البحرية. كما تحدّث عن ضرورة التفكير في كيفيّة الإفادة على المدى البعيد من التأثير الإيجابيّ لهذا المتحف على الثروة البحرية.