IMLebanon

الثنائي وفك أسر الرئاسة

كتب حبيب البستاني في “اللواء”: 

كما في كل استحقاق رئاسي تكثر الدعوة إلى المسيحيين بضرورة أن يتوحدوا وراء مرشح واحد للرئاسة يكون ممثلاً لهم ليصار من بعدها لانتخابه من قبل بقية الأطراف السياسيين. هذا الكلام جيد في الشكل وهو يراد منه تسهيل انتخاب رئيس، ولكن يبقى السؤال ما هو المضمون والهدف الغير معلن من ورائه؟، لقد عانى المسيحيون ولا سيما بكركي من هذا الكلام حيث أن هذه الأخيرة ذهبت للتسمية في إحدى الانتخابات الرئاسية ولكن تسميتها لم تُحترم وباءت بالفشل آنذاك، وبالتالي فهل يُلدغ المؤمن من الجحر مرتين؟

ولكنه وقبل اتفاق المسيحيين على مرشح لا بد من سؤال نطرحه، هل طريق انتخاب الرئيس معبّدة وسالكة وآمنة أم إنها محفوفة بالمخاطر والألغام التي قد تنفجر وفي أية لحظة أمام العابر المغمض العينين؟. من الواضح أن هنالك عدداً كبيراً من المرشحين المعلنين والمضمورين وحتى الذين يعتبرون أنفسهم من الطبيعيين لهذا المنصب، حتى أنه بات للدول المؤثرة ولكل منها مرشح تعمل ليل نهار في سبيل إيصاله إلى قصر بعبدا، فإذا كان صحيحاً أن القصر فارغ والمنصب شاغر إنما الطريق حبلى بالمرشحين.

وليس خافيا على أحد من أن الفرنسيين يعملون وبالرغم من تصريحاتهم المتضاربة في الظاهر، بغية إيصال سليمان فرنجية للرئاسة وذلك من ضمن تسوية تشمل رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش، وليس خافياً أنهم يستعينون برجل المال والأعمال صاحب اليد الطولى في الاستثمارت النفطية جيلبير الشاغوري وذلك من أجل إقناع هذا أو شراء ذاك كما بات معروفاً. وهذا الرجل بات الظل الخفي الذي يتحرك بمناسبة كل استحقاق ولقد كان تحركه لافتاً في انتخابات العام 2016 لدعم سليمان فرنجية للرئاسة آنذاك.

أما بقية الأطراف فحدّث ولا حرج وبالرغم من إعلان السعودية عدم تدخّلها لدعم هذا المرشح أو ذاك، إلّا أن من يفهم في حل الطلاسم الملكية يدرك أن المملكة لن تقف مكتوفة الأيدي إلى ما لا نهاية، وأنها وبزياراتها المتكررة والتي شملت أكثر من مرجعية سياسية ودينية وحزبية، فإنها تتحضر أو أقله تُحضر الأفرقاء التي لها مونة عليهم كما يقال وذلك بغية اتخاذ موقف واضح من الاستحقاق وذلك عندما تصل الأمور إلى خواتيمها. أما القطريون الذين سبق وكانوا من المؤيدين لقائد الجيش الجنرال جوزف عون إلا أنهم فرملوا اندفاعتهم وآثروا عدم الكلام في هذه المرحلة من خلط الأوراق، ولكن هذا لا يعني تغييراً في الموقف بقدر ما يعني تغييراً في الاستراتيجيا.

أما بقية الأطراف المؤثرة فلن تبقى في عداد المتفرجين وإنها ستدلي بدلوها في الاستحقاق متى دقت ساعة الصفر، وهذا يشمل السوريين والإيرانيين والأميركيين والروس الذين لكل منهم دوره المؤثر وذلك تبعاً لظروفهم والمعطيات الدولية والإقليمية، فإذا لم يكونوا من الذين يسمون هذا المرشح أو ذاك فبالتأكيد سيكون لهم حق الفيتو على هذا الإسم أو ذاك.

من المؤكد أن ساعة الصفر للاستحقاق الرئاسي تتقدم شيئاً فشيئاً ولكن ببطىء شديد، وأنه من المؤشرات التي تدل على اقتراب الحل هو قيام الثنائي الشيعي بفك أسر الرئاسة، وبالتالي سحب ترشيح الوزير فرنجية المفروض فرضاً على البلاد والرقاب، فلا يوجد لبناني واحد يقبل بأن يقوم الثنائي بفرض مرشحه للرئاسة وذلك أياً تكن الظروف المحلية والدولية وأياً يكن عنوان التسوية. فاللبنانيون ولا سيما المسيحيون منهم لن يرضوا بمرشح للرئاسة إلا من خلال تسميتهم وتأييدهم للمرشح العتيد، ومن ثم يأتي تأييد بمعنى انتخاب الرئيس من بقية الأطراف، مما يضفي على الرئاسة بعداً ميثاقياً بحيازته التأييد المسيحي وبُعداً وطنياً بحيازته تأييد أكثرية اللبنانيين. وعند انسحاب أو سحب سليمان فرنجية وليس قبله، يمكن الطلب من المسيحيين الاتفاق على مرشح أو عدد من المرشحين يصار إلى الذهاب بهم إلى المجلس النيابي.