كتبت ندى أيوب في “الأخبار”:
انطلق إعلان المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في 6 آذار الماضي، انتهاء أزمة جوازات السفر وانتفاء الحاجة للمنصة الإلكترونية، من بدء الجهاز، تباعاً، بتسلم مليون جواز منذ كانون الثاني الماضي. ألغيت المنصّة، وجرى تقريب المواعيد، فيما بقي التقديم إلكترونياً متاحاً للطلبات المستعجلة، وفُتحت مراكز الأمن العام التي كانت في الأحوال الطبيعية، قبل أزمة 2019، تستقبل وتنجز بين 1500 و2000 طلب يومياً. رغم ذلك، فإن شيئاً لم يتغيّر. فمنذ شهرين، تنجز المراكز يومياً حوالي 6 آلاف طلب، من دون أن يحول ذلك دون الطوابير الطويلة التي تبدأ بالتشكل منذ ساعات الليل، بشكل يومي، وأصبح السؤال عن “الباسبورات” طاغياً على السؤال عن سعر صرف الدولار!
مشهد الطوابير الذي أدى إلى خلق المنصة، بدأ في 2020، بسبب عدم توافر الجوازات نفسها. اليوم، مع وجود أكثر من مليون جواز سفر، تحوّلت المشكلة إلى تنظيمية مرتبطة بالتهافت الكبير على طلب الجوازات في مقابل قدرة محدودة للمراكز على الاستقبال والإنجاز، وقدرة المطبعة على التلبية. وتلفت مصادر “الأخبار” إلى أن “المراكز تنجز طلبات بقدر أكبر من قدرة المطبعة على الطباعة، لذلك توقّف استقبال طلبات جوازات السفر يوم الجمعة، لإفساح المجال أمام المطابع لإنجاز الطلبات المتراكمة”. وتشير إلى أن الأسبوعين الأولين اللذين تليا توقيف العمل بالمنصّة شهدا تقديم أكثر من 100 ألف طلب يحتاج إنجازها، إلى جانب العمل الإداري، إلى تدقيق في المراكز ولدى شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي.
وبسبب الفوضى العارمة في محيط مراكز الأمن العام، والاحتكاكات المتزايدة بين أصحاب الطلبات وبينهم وبين عناصر الأمن العام، بات من شبه المحسوم، بعد اجتماعات عقدها المدير العام بالوكالة العميد الياس البيسري، إعادة تفعيل المنصّة وحصر تقديم الطلبات عبرها لتنظيم العمل، على أن تعطى مواعيد تقديم الطلبات بعد أسبوع من التسجيل، ومن دون شروط كتلك التي وُضعت سابقاً (حيازة حجز فندقي أو إقامة أو مستندات تفيد بأن السفر غايته العمل أو الطبابة أو التعليم) طالما أن الجوازات متوافرة.
هذا التوجه يلقى ارتياحاً لدى ضباط الأمن العام وأفراده في ظل الضغط الذي يتعرضون له يومياً. لكن المفاجأة، وفق المعلومات، كانت في اجتماع عقد أوّل من أمس، أعطى فيه البيسري توجيهات لرؤساء الدوائر بمنح الضوء الأخضر للعناصر لجهة تقدير ما إذا كان صاحب الطلب مستعجلاً، بمعنى ترك الأمر لاستنسابية العناصر بمعزل عن أي معايير لرفض الطلب أو قبوله. كما يُسمح لهؤلاء طلب مستندات معينة تؤكّد حاجة صاحب الطلب إلى السفر، وهو ما يُخشى أن «يشرّع الباب واسعاً أمام الرشاوى طالما أنه يربط مصير الطلب باستنسابية العنصر».
بالأرقام، 80% من جوازات السفر التي استلمها أصحابها، لم يتم استخدامها، و50% من الطلبات المسجّلة على المنصة قبل إلغائها، لم يحضر أصحابها إلى مراكز الأمن العام لتقديم مستنداتهم. يُستخلص من ذلك، أن حالة الهلع التي سيطرت على اللبنانيين منذ انهيار 2019، متسببةً بارتفاع الطلب على جوازات السفر، تحسباً لأي طارئ يستدعي خروجهم من البلد، لا تزال السبب الرئيسي لاستمرار التهافت غير الطبيعي على مراكز الأمن العام. يضاف إليها تفضيل المغتربين تجديد جوازاتهم في لبنان هرباً من الرسوم الخيالية التي اعتمدتها السفارات اللبنانية في دول الاغتراب، والتي تتراوح بين 400 و600 دولار لتجديد جوازٍ لمدة 5 سنوات، ما يدفع كثيرين إلى اغتنام زبارتهم إلى لبنان لتجديد جوازاتهم بنحو 20 دولاراً لجواز بيومتري يخدم 10 سنوات، وإن استدعى الأمر رشوة عنصر أم ضابط بـ 50 دولاراً أخرى.