IMLebanon

إلى لائحة مرشحي “الصف الثاني” در؟

كتب جورج شاهين في “الجمهورية”:

إن كان الاقتناع قد ترسّخ في الداخل والخارج على أنه لا يمكن لأيّ كان الانتصار في نهاية فصول الاستحقاق الرئاسي لفرض مرشحه على الآخرين، فإنّ الأنظار تتجه الى السيناريوهات المتوقعة التي تبعد مرشحي التحدي من ساحة المواجهة للانتقال الى مرحلة البحث في لائحة جديدة تجمع مرشحي «الصف الثاني» الذين يستعدون للانتقال الى دائرة الضوء من منافذ متعددة. وعليه، ما هي الآلية المؤدية الى هذه المرحلة؟

لا يحتاج المراقبون والديبلوماسيون إلى التعمق كثيراً في مقاربتهم لما بلغته التحضيرات الجارية لإتمام الاستحقاق الرئاسي بعد دخول البلاد النصف الثاني من الشهر السابع على خلو سدة الرئاسة. فالإعترافات ثابتة لدى طرفي النزاع بأن ليس لأي مرشح من مرشحيهم المفضّلين امكانية نيل الاكثرية المطلقة المطلوبة للفوز في السباق المفتوح الى قصر بعبدا.

وإن كانت اوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري الاكثر وضوحا وصراحة بمثل هذه الإعترافات عندما قالت انّ حظوظ مرشحه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية التي، وإن بقيت متقدمة على ما عداه، فهي لم تكتمل فصولاً بعد، وأنه ليس من المضمون ان الظروف المؤدية الى جلسة نيابية بكل مقوماتها القانونية والدستورية المطلوبة قد توافرت لاتمام العملية الانتخابية ان وجّه اليها بري الدعوة اليوم قبل الغد. ولذلك، ليس هناك من داع للتشكيك في انّ الفريق المناهض لـ»الثنائي الشيعي» وحلفائه يمكنه ان يحقق ما عجزوا عن تحقيقه حتى اليوم سواء احتفظوا بمرشحهم الحالي أو اتفقوا على آخر، وهو أمر لا نقاش فيه.

وفي موازاة هذه المعادلة السلبية تقلّصت الخيارات والسيناريوهات المتداولة في الأوساط السياسية والماكينات الانتخابية التي تجهد لتسويق مرشحها الى الحد الادنى مما يتوقعه احد. فالجهود الديبلوماسية التي بذلت حتى اللحظة ما زالت توحي وتدعو الى ضرورة التوصل الى مرشح ثان تتوافق عليه الأطراف المنضوية في صفوف المعارضة ليكون في مواجهة المرشح الأول الذي سمّاه الطرف الآخر لخوض المواجهة المطلوبة بأبسط مظاهرها الديموقراطية في ساحة النجمة.

وان توقّف المراقبون أمام المعادلة التي سعى اليها سفراء الدول الخمس الممثلين في «لقاء باريس» من أجل لبنان، فهم باتوا على اقتناع راسخ بأنه وايّاً كانت الاساليب التي اعتمدت للتعبير عمّا أجمعوا عليه من قواسم مشتركة فهم يصرّون في هذه المرحلة الآنية على ضرورة تنظيم «مواجهة ثنائية» بين مرشحين لا اكثر، وهو امر سيقود حتماً الى محطة بالغة الاهمية تمهيداً لتقدير المرحلة التي تليها قياساً على حجم ما تحققه وما يمكن ان تؤدي اليه لاحقاً.

وعليه، فقد اعترف أحد الديبلوماسيين المعنيين بالملف في لقاء جَمعه أخيراً مع احد اصدقائه بأنه «وإن نجح مجلس النواب في إتمام هذا الاستحقاق بانتخاب الرئيس العتيد ضمن المهل التي نعتَقد انها لن تكون بعيدة، وسنكون عندها أمام مرحلة جديدة بكل مقوماتها الحكومية والسياسية والاقتصادية والديبلوماسية وخلافها. وفي حال العكس ـ وهو المرجّح ما لم تتبدل موازين القوى بطريقة غير محتسبة حتى اللحظة ـ فإننا سنكون أمام استحقاق جديد يفترض بنا ان نزخم من جهودنا لتقصير مهلة خلو سدة الرئاسة، ولربما سيكون علينا الانتقال الى نهج آخر وآلية جديدة لا بد من اعتمادها بالسرعة القصوى لمعالجة الوضع الطارىء الناجم عن مثل هذا التطور بما تفرضه المرحلة من خطوات لن نتردد بالاقدام عليها».

وبناء على ما تقدم، لفت الديبلوماسي عينه الى «اننا سنكون على تماس مع خطوات استثنائية جديدة لا بد من ان نحضّ اللبنانيين على اتخاذها بأنفسهم على ان نتعهّد بأنّ المجتمع الدولي سيكون الى جانبهم ومعه مختلف المعنيين بالملف اللبناني والمؤتمنين على رعاية التفاهمات السابقة التي أبرمها لبنان، ومن بينها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة المؤسسات المانحة الاقليمية والدولية عدا عن الاجهزة الاممية. ولن تقتصر الجهود المبذولة على ما نقوم به نحن كمجموعة التقينا في السادس من شباط الماضي في باريس لمعالجة الوضع». ويضيف «ان لم تكن الأمور ميسّرة، لن تقف العملية السياسية عند وجود مرشحين فقط، فلائحة المرشحين المتداول بها في أكثر من مرحلة تدفعنا الى فتحها من جديد بحثا عمّن يستطيع ادارة المرحلة، وهم كثر. وان من بين الأسماء المدرجة من هم في مواقع بارزة ويتمتعون بكفايات محترمة ومقدرة لدى أكثر من مرجع وجهة قادرة على التدخل لتسهيل تنفيذ الخطوات الإنقاذية بطريقة مختلفة عن السابق. فنحن، وامام مثل هذه المعادلة الجديدة، لن نقف مكتوفي الأيدي وسنخصص القدرات الكافية التي تسمح بالاقلاع مجددا من حيث انتهت إليه أوضاع القطاعات الحيوية والمؤسسات الحكومية لإنقاذها من الانهيار الكامل. وهي قوى ما زالت تصرّ على حماية المؤسسات العسكرية والامنية التي قدمت نموذجا جيدا يستحق التقدير، خصوصاً ان أجريت المقارنة مع بقية المؤسسات الحكومية الادارية والخدماتية والمالية المنهارة».

وعند هذه المعادلة التي انتهى اليها الديبلوماسي العليم، انتقل البحث بطريقة تلقائية الى مجموعة الاسماء المدرجة على لائحة المرشحين المعتبرة على أنها من «الصف الثاني» كما سمّيت في مراحل عدة منذ المباشرة في التحضير للاستحقاق قبل أشهر عدة. ولربما كان هناك تصنيف قديم للمرشحين المؤهلين لـ»المهمة المتوقعة» ما زال صالحاً للبحث فيه على رغم من مرور أشهر عدة على وضعه قبَيل دخول البلاد مدار المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس العتيد ولم يكن الشغور قد حلّ في قصر بعبدا. وهي لائحة أخذت في عين الإعتبار كل الخيارات والتحولات المتوقعة بعد نهاية العهد السابق قياساً على ما يكون عليه الوضع وما يمكن ان يورثه الى من سيخلفه.

وعليه، فالتصنيف الذي كان معتمدا قد رسم أكثر من خريطة طريق على مسارات حيوية مختلفة. وان تقدّم الهم المالي والنقدي فسيكون على الساعين الى ملء الشغور الرئاسي التوجه الى تأييد ودعم من يمكنه إدارة الازمة من هذه الزاوية بالذات. وإن تقدّم الهم الامني فسيكون امامنا البحث في أسماء أخرى مختلفة المواصفات لمواجهة الجديد الطارئ.

وعلى هامش البحث في هذه الخيارات الاستراتيجية ـ يستطرد الديبلوماسي عينه ليقول: إن كان الهم الأمني مستبعدا في ظل ما اتخذ من إجراءات لدعم القوى العسكرية والامنية ومنع وقوعها في فخ الانهيار والشلل، فإنّ على اللبنانيين ان يحتسبوا ما استجدّ من تطورات على مستوى العلاقات الاقليمية والدولية نتيجة «اتفاق بكين» وما يمكن ان يعكسه من تفاهمات لا بد منها على أكثر من ساحة معنية بأطرافه. والاهم من كل ما هو متوقع انه أقفل بعض المسارات الامنية وأنعَش الآمال في إمكان الخوض في المعالجات الاقتصادية والمالية والاستثمارية التي تؤدي الى تعزيز كل اشكال الامن والاستقرار في المنطقة بغية تصفير المشاكل الامنية.